القوى في نفوس معتقديه فلا مانع فعلا أن يشفي بعض الأمراض بهذا النحو من العلاج.
وليس المهم في مقالنا هذا هو حديث آفاك الأرمني وان كان حديثه ليجري الآن على كل لسان. وإنما المهم (لا النافية) على لسان صاحبنا الذي آمن بآفاك ليقولها ويسمعها من سامعيه!. . فقد ظننت أنني أخذت عليه الطريق وانتزعت هذه الكلمة من بين شدقيه. فإذا هي والله أول كلمة علق بها على هذه القصة، وإذا به يفتح فاه ليقول: لا. ليس هذا قصدي. . .
قلت لا. بل ينبغي إن يكون هذا قصدك. ماذا تعني أيها الرجل (بلا) هذه التي تفاجأ بها الناس موافقين أو مخالفين؟ قلت إن آفات يشفي المرضى فقلنا لك: يحصل. فأين موضع (لا) هنا لا حرمك الله سماعها من كل لسان؟
فانقبض واستخزى. وكانت عنده بقية أدب في الخطاب فقال معتذرا: والله إنها لازمة. ولازمة ذميمة والحق يقال. ولكن ما العمل في العادة وسيئاتها قبحها الله!
وخطرت لي لوازم الكلام عند اكثر المتحدثين؛ فسألت نفسي: أيها يا ترى خير وأفضل. (لا) هذه التي تقال في كل جواب؟ أو (نعم) ومرادفاتها التي تعود بعض الناس أن يعقبوا بها على النقيضين في مجلس واحد؟
- حبذا لو خلت مصر من الأحزاب.
- صحيح.
- ولكن الأحزاب ضرورية في الأمم الديمقراطية.
- صحيح والله!
- إلا إن الديمقراطية قد تستغني عنها في بعض أوقات التطور والانتقال.
- معك حق. فهذا صحيح.
فكم من المتحدثين يستمع إلى أمثال هذا التعقيب في كل يوم وبين كل طائفة من الناس؟ وكم تسوءهم هذه الموافقات وهم ينتظرون الشجاعة الأدبية من ذوي الرأي فلا يرون بينهم وبين الجهلاء الإمعات من خلاف؟
إن كانت هناك (نعم) شر من (لا) فهذه النعم شر من جميع اللاءات وجميع أدوات النفي على الإطلاق.