ومن اللوازم ما هو أعجب من الموافقة والإنكار على هذا المنوال؛ لأنها لازمة تلقى على المستمع تهمة لا ذنب له فيها ولا مناص له من دفعها.
تلك هي لازمة (على رأيك) عند بعض الناس.
يحدثك عن رجل لا تعرفه ولعلك لم تذكره قط في حياتك، فإذا به يقول:(على رأيك إنه رجل لئيم). . . ويمضي في تحميل رأيك المظلوم تبعات هجائه وأنحائه وأنت لم تر شيئا مما اتهمك برؤيته، ولم يفكر هو بعقله في إسناد التهمة إليك وإنما جرت التهمة (البريئة) على لسانه من حيث لا يريد.
وحضرت مجلسا فيه واحدا من أصحاب هذه اللازمة وهم غير قليلين. فصرح أحد السامعين الذين اتجه إليهم الحديث مستغيثا:
يا شيخ حرام عليك! متى وصفت الرجل بهذه الصفات؟ وهل هو رأيك أو رأيي الذي تحكيه وترويه؟
وضحك صاحبنا وكان ظريفا حسن التخلص. فراح يقول: هو التواضع يا فلان. هو التواضع. وهل يليق بأدب الحديث إن أقول: هذا رأيي! هذا رأيي في كل ما أرويه واحكيه؟
ومن اللوازم ما يبعث الضحك ولا يبعث الفزع كهذه اللازمة التي يلازمها الاتهام، لا قد يضحك الحزين إذا غلبت عنده روح الفكاهة على روح الجد والصرامة.
من هذه اللوازم لازمة كانت لأحد القضاة المشهورين يرددها وهو ذاهل عما يسمع وذاهل عما يعنينه. وهي لازمة (برافو برافو) التي يتخلص بها من التفكير فيما يقول.
ولقي شابا كان يعرف أباه فسأله: أين أنت الآن؟ قال: موظف في هذا الديوان. . .
قال: برافو برافو. وأين أبوك؟
قال: تعيش. . مات منذ شهور.
فلم يلبث إن حيا أباه تحية الاستحسان المعهودة. لأنه مات!
لكن اللازمة البغيضة حقا تلك اللازمة التي تضطرك إلى الجواب على كل فقرة من فقرات الحديث كأنك في محضر تحقيق