ولابد من الجواب، ولابد من انتظاره جوابا ملفوظا لا يغنى عنه الإيماء ولا السكوت.
ومن هؤلاء من يبدي لك الرأي ثم يسألك:
هل أنا غلطان؟
فتقول مثلا: معاذ الله. بل أنت على صواب.
فلا يكتفي بذلك ويعود سائلا: إن كنت غلطان قل لي. هل أنا غلطان بالله؟
لا لست بغلطان.
لا لا. إن كنت غلطان فقل لي ولا تخف الحقيقة عنى. إنني رجل صريح. أليس هذا الواجب؟
ويكررها: أليس هذا الواجب؟ أليس هذا الواجب؟ حتى تفض المشكلة بقسم غليظ. . . فيصدق انك قد آمنت بأنه ليس (بغلطان).
وقد تكون اللازمة التي من هذا قبيل عقلية تأتى من نقص الوعي والإدراك ولا يقف بها الأمر عند حب التكرار والإعادة مع فهم الحديث المعاد.
تسأل أحدهم: هل لقيت فلانا؟
فإذا هو قد أعد كلمة الاستفهام في منتصف السؤال وبادرك مستفهما: نعم؟
- هل لقيت فلانا؟
- فلانا؟
- أي نعم فلان!
ما له؟ أو ما باله؟ أو علام تسال عنه.
ولا يعي إنك تسأله عن لقائه إلا بعد السؤال الثالث أو الرابع على هذا المنوال. وهي عادة غالبة على الطبقة الجاهلة في بلاد الريف على الخصوص مرجعها بطئ الحركة الذهنية وإهمال الكلام واعتباره لغوا لا يرتبط بالتفكير ولا يحمل معناه إلا مع التوكيد والترديد.
وبعض هذه اللوازم لازم في الحديث المفيد، لأنه يعينك على تتبع الحديث والوقوف على مراحله وغاياته. كلازمة (نهايته) في موضوعها الصحيح، أو لازمة (على كل حال) أو (لا تؤاخذني) إذا كانت تهيئ الذهن حقا لسماع شيء يحتاج إلى الاستئذان أو طلب السماح. فهذه اللوازم في المحادثات أشبه بعناوين الفصول والأبواب في الكتب والمخطوطات.