والتركيب الكيميائي للدم من العوامل الحيوية في تغذية المخ ونشاطه أو ركوده، وقد لجأ العلماء في السنوات الأخيرة إلى عدة وسائل علمية لدراسة كيمياء الدم الذي يغذي المخ بأجراء عملية بذل يحصل بها على الدم من أوعيته قبل المخ وبعده مباشرة.
وقد وصل العالمان ارهام ميرسون وهالوران إلى نتائج باهرة كشفت كثيراً من أسرار تغذية العقل. فوجدا مثلاً إن السكر في الدم يختفي بعد مروره بالمخ، أي إنه يتغذى بالسكر ويمتصه، فإذا زادت كميته أو قلت في الدم فإن نشاط المخ يختلف أيضا.
وقد لوحظ إن مخ الأصحاء يستهلك مقداراً كبيراً من السكر، فإذا قلت كميته في الدم انخفض نشاط العقل أيضا.
واثبت التركيب المعدني لدم المخ أهميته البالغة في تقديره ذكاء الفرد، فأعطانا مفتاحاً نتلمس به أسرار العقلية البشرية، فالكالسيوم والفسفور ضروريان لحفظ النشاط العادي لجميع أنسجة المخ فإذا قلت كميتها ظهرت عوارض البلادة الذهنية والخمول العقلي، فإذا زادا عن المعقول تجاوز النشاط الذهني حده العادي وربما بلغ حد الاضطراب مما دفع أطباء الأمراض العقلية إلى استخدامها في علاج مرضاهم.
وقد لا تمر فترة صغيرة حتى يحتل علم الكيمياء العقلية مكانه إلى جوار علم النفس ويساعد أخصائييه على فهم الطريقة الغامضة التي يعمل بها العقل البشري الكثير الغموض.