استلزم الحركة البطيئة الدائمة لكي يغير الإنسان وضعه)
وتؤثر كمية ثاني أو كسيد الكربون التي في الدم أيضاً على المخ. وقد جرب هالدان وعالمان آخران البقاء لمدة عشرين دقيقة في جو نسبة ثاني أوكسيد الكربون فيه ٧. ٢ في المائة، وهي تعد نسبة كبيرة، فأحسوا بعوارض الإجهاد العقلي. فلم يكن في وسع هالدان مثلاً أن يركز تفكيره أو ينتبه إلى ما يدور حوله من حديث بغير عناء كبير. ولم يستطيع قراءة جريدة ويدلرك معنى عباراتها. كان تعباً كأنسان اقبل على الفراش بعد إن أمضى أسبوعا بغير نوم. وكان يحس ذهنه كصفحة بيضاء لا تعي شيئاً مما يدور حوله.
يرى كل شي مزدوجاً:
ويحدث أيضاً تفاعل كيميائي معروف بتأثيره السيء على المخ عندما تتمزق إحدى الأوعية الدموية. وقد وصف الدكتور لوسيان كلارك ما حدث له في إحدى هذه الحالات بأنه كان يقاسى من ارتفاع ضغط الدم الذي بلغ ٢٣٠ وهي نسبة كبيرة الارتفاع. وكان يتوقع أن ينفجر أحد الأوعية الدموية في أي وقت.
وصدقت نبوءته فكتب يقول (في ٢ نوفمبر سنة ١٩٣٤ كنت عائداً بسيارتي من زيارة أحد مرضاي حتى وقفني ضوء إشارة المرور، فلما أردت متابعة السير ومدت يدي إلى مفاتيح السيارة رأيت يدين وبدل المفاتيح مفتاحين. وتولاني الاضطراب لمدة ثانية واحدة استعدت بعدها وعيي، ولكني أدركت ما حدث، فأسرعت إلى البيت قبل أن يستفحل الأمر. وكانت عيناي طول الفترة تريان مختلف ألوان الأضواء.)
(كنت أرى كل شي مزدوجاً ولم أستطيع القراءة لأن ارتباط الحروف أو الأرقام ببعضها لم يرسل أي معنى إلى ذهني. حتى أدواتي الجراحية التي استخدمها سنوات طوالاً بدت غريبة أمام ناظري. ومع إني كنت اعرف طريقها فإني لم أدرك طريقة استخدامها. وكانت الكتابة نوعاً من المستحيلات.
كان من العسير أن اكتب سطراً واحداً فلما وفقت إلى كتابة حرف لم أجد له أي معنى. وفي هذه المرحلة بلغ الاضطراب والارتباك العقلي اشده. ولا ريب إني فقدت توازني الجسماني، فعندما حاولت اجتياز الغرفة تعثرت بعدة أشياء واتجهت رغبتي إلى النوم طول الوقت.