أكن أقل حبا لابنتي من أبيها لها. ولكنه كان حبا من طراز آخر. فلم يبد لي صواب القول بأن ثمرة الحب تضع حدا للاحساسات، أيا كانت، التي حملت اثنين على الاقتران أحدهما من الآخر. فقد خيل إلى أنه قد قدر لي أنا وروني أن نعيش متلازمين إلى الأبد، ولكي أرفه من حياتنا ظننت أنه يجب علينا أن نأخذ بهذه الفكرة، وأقسم إنني قد حاولت ذلك، ولكن جمود روني وعد قابليته لأن يفهم ما أنا محتاجة إليه غير البيت والطفلة والعلم بأنه مخلص لي وفي، كل ذلك أشعرني احتقار لنفسي حرمني النوم.
فكنت أبكي وأناقش وأتوسل ولكن ذلك كله لم يكن إلا ليزيد العلاقة بيننا سوءا.
ثم إذا أدركت إن روني لا يستطيع أن يغير ما به اعتزمت أن أكتفي بحب الأمومة. فيجب أن أكتفي بملاحظة (سو) وهي تنمو من طفلة قوية البنية صحيحة الجسم إلى بنية صغيرة مرحة حلوة المحيا، ولقد علمتها بعض الأغاني والشعر الخفيف، وكنت أتروح معها كل يوم ماشيتين نجمع في الشتاء أوراق الشجر الزاهية أو ننزلق على الجليد - وكنت أشعر بالكبرياء تملأ نفسي عندما يلتفت الناس إليها فيبتسمون معجبين بخطواتها القصيرة السريعة وشعرها الناعم الذي يتلاعب به الهواء وعينيها الجميلتين البراقتين. لقد كانت جميلة حساسة سريعة الحركة بشوشة الوجه شديدة المرح. . . لقد كانت ابنتي. . وهي لي وحدي آه يا (سو). . . (سو) عانقي أمك يا ابنتي واملئي حياتها الموحشة سعادة وعزاء.
كان حب (سو) يعزيني في أغلب الأحيان، ولكنه لم يكن كل العزاء الذي تتعطش نفسي اليه، فلقد كنت امرأة كما كنت أما. وكنت لا أزال صغيرة جذابة كمثل ما كنت يوم تركني (تيد) والآن أريد (سو) وأريد (تيد)، ولكني كنت أعلم - كمن وقع في الفخ - إنني لن أستطيع أن أجمع بينهما. فإن روني لن يتخلى عن (سو) أبدا، ولقد كان ينذرني بذلك كلما حدثته في أمر الطلاق فكان يقول:(حسنا يا بام لك أن تطلبي الطلاق إذا كنت غير قادر على إسعادك - ولكنك لن تأخذي سو أبدا).
ومع ذلك كان تفكيري في (تيد) يعذب نفسي، لقد كنت أحلم به في الليل وفي النهار. لقد كنت أتساءل: أين هو؟ وحيثما كنا نذهب - وكنا كثيرا ما نغادر البيت - كنت أبحث عنه بنظري بين الجماهير، حائرة، آملة. يقفز قلبي كلما رأيت رجلا طويل القامة عريض الفك مجعد الشعر. . . إذ كنت أتخيله (تيد).