للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أراد أحدنا أن يكفكف من شر أحدهم، أنطلق يزداد صخبا وجلبة يستصرخ الدنيا كلها على هؤلاء المتوحشين الذين يسمون المصرين. ومع ذلك فمصر منذ عشر سنوات هي مصر اليوم لم يزد ما كان يلقاه الأجانب أمس فيها من رد وقاحتهم وجرأتهم علينا، على الذي يلقونه اليوم من ذلك، ولكنهم سمعوا السنة هؤلاء المرتزقة تذيع عنا الأباطيل، فانطلقوا يتصايحون علينا كأننا صادرنا أموالهم وأجليناهم عن بيوتهم، ونصبنا لهم المشانق، وأعمالنا فيهم استئصال الشأفة كما كان يفعل طاغية ألمانيا باليهود!!

ثم تأتى المرتزقة من المراسلين فتزعم أن بلادنا قد أصبحت متطرفة في الحماسة للحرية، وأن كلمة (مصر للمصريين) قد أصبحت أهم كلمة في مصر، ويقوم صعلوك منهم يقول: (ولذلك لا يعجب المرء كثيراً يراهم (يعنى المصريين) قد ضلوا الطريق! ولكننا نعجب حينما نتساءل إلى متى سوف يستمرون في اندفاعهم الذي لا يكبح جماحه من أجل الحرية؟).

ونحن نأسف لأن الشعب المصري لا يزال هادئا صابرا على كل هذه الوقاحة التي يصبها علينا مرتزق بين ظهرانينا، ونأسف لأن حكومتنا المصرية لا تزال هادئة صابرة بل مجاملة أشد المجاملة لهذا النوع من المرتزقة. وكان خليقاً بأية حكومة في الدنيا - لا حكومة مصر - أن تعرف لولئك الذين أذاعوا أنباء غير صحيحة في طائفة من المسائل التي تتعلق بمصر، وان تقول لهم إنكم كذبتم فإما أن تكفوا عن إذاعة هذه الأكاذيب، وإما أن تغادروا بلادي. ثم ترفع كل الأدلة التي تصبح كذب هؤلاء الكذابين من المرتزقة إلى حكوماتهم، وأن تبرأ ذمتها من دخيل لا يرعى أدبا ولا خلقاً، ولا يعرف قدره ولا أقدار الناس!

إننا نطلب الحرية وسننالها، وسنكون أحراراً في بلادنا نسوسها بالسياسة التي نرتضيها لأنفسنا. ونحن لن نرضى لأنفسنا إلا الأنصاف، ننصف أنفسنا، وننصف من يعاشرنا من الأجانب. ولكن إذا ظن الأجانب أن هذا الإنصاف الذي لهم ينبغي أن يكون على ما تعودوه منذ خمسة وستين سنة، من امتهان المصريين ومن الغطرسة عليهم، ومن بقاءهم طبقة واحدة ترى أنها أنبل منا، واشرف منا، واحسن عقلا منا، وأولى بثروتنا منا، وأحرى بالامتياز من كل مصري يعيش على أرض مصر - فيومئذ سوف ننصفهم أيضاً، ولكن بما

<<  <  ج:
ص:  >  >>