أما الدول التي تتنادى باسم الحرية، والتي تنكر على مصر والسودان، وعلى فلسطين، وعلى العراق، وعلى بلاد المغرب كلها - أن تكون أمما حرة، فلتفعل ما تشاء، لأن هذه العرب لن تهادن إلا من يهادنها، ولن تجامل إلا من يجاملها، ولن تعاون إلا من يعاونها، ولن تمد يدها إلا من يمد لها يدا نقية من الغدر والفتك والنفاق.
الحرية حق طبيعي، فنحن بالغوه ومدركوه شاءت الأمم أم أبت. والقوة الدافعة إلى طلب الحرية غريزة فطرية، فنحن خاضعون لها حتى تتحقق غايتها شاءت هذه الأمم أم أبت. والإنصاف طبيعة فينا، فنحن سننصف أنفسنا وننصف من يعاشرنا، رضى بذلك من رضى كرهه من كره وهذا كله شيء ليس لنا فيه خيار، لأننا كدنا نموت ونريد أن نحيا. ونحن نتعلق في حياتنا هذه كالجائع المشرف على الهلاك حين يتعلق بكسرة خبز ورشفة ماء، هي الحرية، وأما هم فيريدون أن يتأنقوا ويتنبلوا ويتفاصحوا باسم الحرية التي يريدون بها حريتهم هم مقرونة بالاعتداء على سواهم من الشعوب المتعلقة بالحرية أمثالنا نحن.
وسوف يأتي على الناس يوم وتظهر العرب، وتعلم هذه الأمم كيف تكون الحرية، ثم تقودها إلى هذه الحرية مرغمة كما يقاد الجمل