فوصلوا إلى الدانوب جنوبا والى المجر وسهول بولونيا فأينما اتجهت جماعاتهم ووصلت سنابل خيلهم فهي امتداد للقفجاق
ويطلق اسم القفجاق على القبائل التي هاجرت ودخلت بلاد الرمال بألوانها المختلفة. الرمال السوداء والحمراء والبيضاء وغيرها قرة، قزل، آف، باثان قوم، وهي هذه السهول الواقعة بين الفولجا وجبال الكربات. وفي مسالك الأبصار عن بلاد القفجاق إنها (كانت قبل استيلاء التتار عليها معمورة الجوانب وإنها لا تزال في بقايا تلك العمارة والغراس) وعدد ما فيها من أنواع المزروعات والفواكه وأسماء بعضها بلغة القفجاق.
وفي أسماء البلاد ما يشير إلى ألوان الرمال التي مر ذكرها، فمنها مدينة أفجا كرمان الواردة بمسالك الإبصار وصبح الأعشى وهي بقرب مدينة أوديسا الروسية وفى مقابلها صاري كرمان، وفي القرم آق مشهد وآق شيار (سباستبول) وآق بلغات الترك معناه: أبيض؛ ولو فتحت خريطة مفصلة لأراضى الروسيا الجنوبية لهالك ما تجد من أسماء القرى والمحطات التي لا تزال تحمل أسماء مشتقة من لغة القفجاق سكان البلاد.
ويحاول بعض المؤلفين أن يجمع بين القازاق والقفجاق فيقول بأن القيرغيز وهم أهل بداوة إلى اليوم يطلقون قازاق على التائه أو الشارد، والقفجاق في لغتهم هم الذين انقطعوا عن قومهم وانفصلوا وشردوا.
فالقازاق أو القفجاق هم الذين تركوا العشيرة الكبرى وحكم عليهم بالغربة، فإذا استقروا في جهة ما وشغلوا أنفسهم بفلاحة الأرض: استفلحوا وظهرت عليهم مزايا الشعوب المستقرة ومظاهر ضعفها، ولكن إذا جاءت سنوات القحط وأجدبت الأرض أو أصابهم ظلم الحكام عادت إليهم غريزة الكفاح الأولى ووقفوا أمام الطبيعة وأمام الإنسان، فإن أخطئهم التوفيق بدءوا غربة جديدة وواجهوا مصاعب الزمن وتحكم الأقدار، وهم في بلاد الروسيا وقد تغيرت مذاهبهم ولغاتهم ولكن يطلقون إلى اليوم على الدواب والمحاصيل وما تحت أيديهم من منقول كلمة (مال) وعلى سكنهم كلمة (ايزبة) وهى عزبة عندنا.
وليس معنى رجل السهول والبادية أنه يأنف من سكنى المدن بل هو يفرح بحياة الاستقرار ويضع مزايا البداوة في تحسين حياته الجديدة، فالقفجاق قوم أشداء طوال القامة أعصابهم قوية ذوو شدة ومراس على الحروب، ولكن الأقدار لم تكن تسمح للرجل منهم بحياة الراحة