آما المواد الزلالية فإنها الفاعل الأصلي حقاً في ذلك التسمم التدريجي الذي يسبب الشيخوخة فالموت، فهي أهم غذاء وفي الوقت نفسه أكبر عدو لنا لأنها مواد رباعية يدخلها الازوت إلى جانب العناصر الثلاثة سالفة الذكر ولهذا فإنه يتخلف عنها عند احتراقها في الجسم عدا الماء وغاز حامض الكربون - مواد أخرى تشمل الازوت وهي المواد الإفرازية المعروف بعضها مثل المادة البولية والحامض البولي وأملاحه ومثل الصفراء وأحماضها وأملاحها. وهي جميعها سامة وضارة وكثير منها غير قابل للذوبان في الماء فلا يفرز بتاتاً ويتراكم داخل الخلايا وفي الأنسجة المختلفة وعلى جدران الشرايين فيصلبها وبالتالي يقلل من قدرتها على تأدية وظائفها ويؤثر تأثيراً سيئا في الجهاز العصبي وفي جميع الأعضاء الأخرى ويضعفها فتنحط ولا تقوى على القيام بأعمال الحياة وهذه هي الشيخوخة بعينها: تصلب عام في الشرايين، وتيبس في الأنسجة، وقصور في وظائف الأعضاء الخ.
يضاف إلى هذا السبب في تسمم الجسم سبب أخر وهو تخمر فضلات الطعام في الأمعاء، ونتيجة هذا التخمر هي تولد مواد عفنة سامة يمتصها الجسم مع المواد الغذائية النافعة خصوصا وان الأمعاء عضو ملائم للامتصاص اكثر من غيره
ويضاعف أسباب الشيخوخة المتقدم بيانها فعل كريات الدم البيضاء التي كشف عن وظائفها متشنكوف فخطا بالعلوم البيولوجية والعلوم الطبية خطوات واسعة عظيمة النفع نظريا وعمليا. فإن من يفحص تحت الميكروسكوب نقطة من دم الإنسان أو أي حيوان يجد أنها مكونة من سائل شفاف تقريبا يشتمل على كريات حمراء عديدة هي التي تكسب لونه الأحمر وكريات بيضاء اقل عددا، ومن أهم صفات الكريات البيضاء أنها تفترس بشراهة كل ما يقابلها في الجسم من البكتريا والميكروبات والجراثيم الحيوانية الأخرى.
غير أن فعل الكريات البيضاء غير مقصور على افتراس الميكروبات والجراثيم والمواد الغريبة عن الجسم بل أنها لا تحترم حتى زميلاتها من الخلايا الأخرى في مخلف أنسجة الجسم لأنه لا عقل لها يجعلها تميز بين النافع والضار فهي تحاول على الدوام التهام كل ما يقابلها لأنها حيوانات حقيقية مفترسة لا تقف شراهتها عند حد. غير أن الخلايا والأنسجة حين تكون في كامل صحتها وعنفوان شبابها تصد بسهولة تلك الكريات المشاغبة الجشعة بأن تفرز عند اقترابها منها مادة كيميائية تمنعها من الاعتداء عليها، ويتم ذلك بطريقة آلية