للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

طبيعية. ولكن خلايا الجسم وأنسجته، متى أضعفتها تلك السموم التي تتراكم في الجسم تدريجيا على النحو المتقدم بيانه، لا تقوي على الكريات البيضاء وتضعف مقاومتها لها فتنخر الكريات البيضاء في جميع الأنسجة كالعضلات والغدد والأعصاب والمخ فتزيد الجسم هبوطاً بعد أن تكون تلك السموم قد أنهكته، وتجتاز تلك الكريات البيضاء الشرايين الرفيعة الشعرية وتتكدس في جميع أنحاء الجسم وتتكون منها أنسجة جامدة وحتى جذور الشعر لا تسلم من اعتدائها فتسبب الشيب سامحها الله

والذي يراه البيولوجيون (علماء الحياة) إنه متى اهتدى العلماء في المستقبل إلى وسيلة لتطهير الأمعاء والدم تطهيرا تاما أول بأول عقب كل أكلة دون المساس بعمليات التغذي المختلفة أمكن التغلب على الشيخوخة وتطول حياة الإنسان إلى مائتين أو ثلاثمائة سنة أو أكثر. وقد تكون الفيتامينات الجديدة والمطهرات المدهشة التي اكتشفت أخيراً كالسلفيناميد والبانيسلين مقدمة لذلك الاكتشاف العظيم الذي يصبو إليه الناس من قديم الزمان. وقد يستنبطون عقاقير تنشط بعض الغدد الصماء المعروفة أو غدداً جديدة يكشفون عنها فيما بعد في مجاهل الجسم فتفرز هرمونات من شأنها تطهير القناة الهضمية كلها والدم والأنسجة تطهيرا تاما مستمرا من تلك السموم مع تصريفها بأكملها في الحال إلى الخارج أولا فأولا.

ولكن تبقى عقبة كؤود لا أرى وجها للتغلب عليها وهي وضع الكبد ونظام صرف إفرازه. فإن البول الذي تفرزه الكليتان يجتمع في المثانة ويصرف إلى الخارج رأسا. أما الصفراء التي تفرزها الكبد فإنها لسوء حظ الإنسان والحيوانات لا تنصرف إلى خارج الجسم مباشرة بل تصب مع شديد الأسف في الأمعاء وتبقى فيها فترة من الزمن قبل أن تصل إلى الخارج عن طريق المستقيم، بل أن الأمعاء مملوءة على الدوام بالصفراء التي تفرزها الكبد باستمرار فتمتص (أي الأمعاء) كميات منها (أي من الصفراء) وهي مادة سامة ضارة كل الضرر بالجسم، ولولا ذلك لكان هناك أمل أن يصل العلم يوما من الأيام إلى قهر الموت نفسه ومنعه منعا باتا وذلك أمر لا يراه العلماء مستحيلا من الوجهة النظرية بدليل الحيوانات والنباتات أولية ذات الخلية الواحدة الخالدة التي تقدم لنا الكلام عليها. وقد رأينا كيف أن البيولوجيين عالجوا الشيخوخة التي تطرأ عليها عقب الانقسامات المتكررة وأعادوا إليها شبابها ونشاطها الانقسامي الذي يضمن لها الخلود. والذي نقصده بالخلود هنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>