لم يذكروا هذا الحديث بسوء، ولو كان ضعيفاً لنبهوا إلى ضعفه، ولو كان من الأحاديث الموضوعة لنضمه السيوطي وغيره في سلك الموضوعات، ما علمنا أحد من أئمة الحديث فعل ذلك.
أما ما نقله الأستاذ عن الفاضل الجمجموني - من انقطاع الحديث لأن المطلب بن عبد الله لا يعرف له سماع عن أبي هريرة - ففيه نظر، وقد قيل أن الذي لم يدرك أبي هريرة إنما هو المطلب ابن عبد الله بن المطلب بن حنطب، وراوي الحديث إنما هو المطلب بن عبد الله بن حنطب، فهما - على الأصح - اثنان يروى الأول منهما عن أنس وجابر وابن عمر وعائشة وأبى هريرة، وروى عنه الأوزاعي وعمر بن أبى عمر، وقد وثقه أبو زرعة والدارقطنى وحديثه ثابت في السنن الربعة وغيرها.
وهب أنا صرفنا النظر عن هذا الحديث ولوازمه الباطلة فما رأى الأستاذ وسائر المنصفين فيما يلزم أبا هريرة من أحاديثه الثابتة عنه في الصحيحين؟ وحسبهم منها ما اشتمل عليه كتابنا (أبو هريرة) في جميع فصوله فليمعن به الأستاذ، وليدع توجيهه الجديد جانباً وليسلك جادة العلماء المنصفين (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) والذي دعانا إلى هذا إنما هو الذود عن السنة المقدسة والغيرة على الإسلام والمسلمين بتمحيص الحق المتصل بحياتنا العملية والعقلية اتصالاً مباشرا، أن أريد إلا الإصلاح ما استطعت.
صور - لبنان
عبد الحسين شرف الدين
إلى الأستاذ علي الطنطاوي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد فإنني من المعجبين بك وبما تكتبه، وبهذا الأسلوب السهل السلس الذي يجرى من النفس مجرى الطبع والذوق السليم. هذا أما من حيث مناقشتك للآراء فهي مناقشة القاضي العدل الذي ينظر إلى كل شيء فاحصاً مدققاً ثم يناقش على أساس راسخ وعلم غزير.
وإن حميتك العربية وفضائل الإسلام التي تتدفق في عروقك والخير الذي ترجوه للمجتمع الإسلامي من الاتحاد هو الذي رفعك لنقد هذا الكتاب (في مقالة بالعدد ٧٢٢ بعنوان إلى