للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وعجائب تاريخية وأزمنة متأخرة. . . وما هي في حساب بلاد العجائب على الطراز الحديث إلا من وقائع الصحافة وأخبار كل يوم!

ترى ماذا يمون لو قوبلت هذه (الحقوق) بالرفض والإهمال من فريق (المغتصبين)؟

أيضرب أصحاب الحقوق؟

لو فعلوا لكان خطراً جسيماً على المحسنين. لأنهم يبحثون على أبواب السماء فلايجدونها، ويدورون على أبواب الوجاهة والمظاهر فيقال لهم (يحنن) أو يرزقكم الله. ودقة بدقة أو بدقات، وطرقة على الأبواب بطرقة على الأبواب أو بطرقات! ويكون الجزاء على هذا من جنس العمل، في شريعة من لا يعملون!

إذا صح إن الصدقة باب السماء فقد أصبحت مقاليد السماء أذن في أيدي (سدنة) العصر الحديث، وهم أبناء السبيل أو أبناء محراب الطريق.

وكل ما بقى من منافذ الرجاء للمحسنين المساكين أن يكون للسماء اكثر من باب واحد.

فعسى أن يبحث عنه المحسنون موفقين.

وعسى ألا يسبقهم كهان السبيل على الأبواب.

ومتى أصبحت (الشحاذة) على هذا المنوال فلسوف يصبح كل محسن في العصر الحديث على غرار ذلك المحسن الوحيد الذي قال فيه الشاعر العربي:

تراه إذا ما جئته متهللاً=كأنك تعطيه الذي أنت سائله!

تلك هي أعجوبة الشحاذين.

أما أعجوبة أصحاب الملايين فمن محاصيل الشمال في تلك البلاد التي فاضت بجميع أنواع المحاصيل.

وأما بطلها العجيب فهو رجل يدعى (البرت ايت) باع مصانعه وقصوره وسياراته وقبع هو وزوجتهفي خمس حجرات مزرية في إقليم فلادليفيا. . . وقال لمن سألوه: ولم اكتفيت بهذه الحجرات الخمس وهي من مساكن أصحاب الكفاف؟

فقال إنها جهد ما تستطيع الزوجة العاملة عمله أن تتولاهبالخدمة والرعاية، وهي مع ذلك كافيه لمأواه ومأوى ذويه الأقربين.

لو كان هذا الرجل في الشرق لحجروا عليه، واتهموه بالجنون المطبق ولم يكن قصاراه من

<<  <  ج:
ص:  >  >>