للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخبأوه من أموال، فيغدقنها على الأسواق وينتفع بها المجموع الإنساني.

هذه هي الكلمة التي توخيت نشرها في هذا الباب لعل فيها فائدة، ومنها يرى ان البت في تحريم البغاء أو إباحته يسلتزم كثيرا من التروي والتفكير لمعرفة أيهما افضل وأصلح للبلاد، ولا نخال حكومتنا وهي لم تزل مترددة في سن قانون التحريم إلا مواصلة الفحص والتمحيص حتى تهتدي إلى الأصوب والأنفع فتقره.

وبهذه المناسبة اذكر ما قاله ديموستين كبير خطباء أثينا، من ثلاثة وعشرين قرنا ونيفا - في النساء والبغايا وما يبتغيه الرجال منهن وهذا تعريبه:

(نحن الرجال، بحاجة إلى ضروب ثلاثة من النساء: المرأة الرشيدة المثقفة لنشغل بها العقل ونلهي بها النفس والمرأة البارعة في الجمال لنرضي بها الحواس ونسكن ثورات الجسد.

والمرأة الصالحة الحكيمة لتلد لنا البنين وتدبر لنا المنازل). وقد رأى أن وجود البغايا في البلاد ضروري لاستفزاز همم الرجال إبان الحروب لأن المحصنات قد يحجمن عن ذلك كيلا يعرضن أزواجهن وفلذات أكبادهن إلى الهلاك.

وقال أحد علماء الفرنسيين وكتابهم في البغاء وفي الدفاع عن البغايا ما معناه:

(ينحى الناس باللائمة على البغي التي تبيع جسدها وينبذونها ويصمونها بالعار، ويمطرونها وابلا من السب والثلب، على حين ان الكثيرين منهم يببعون عقولهم وأفكارهم وضمائرهم، فإذا كان العقل في حكم الناس افضل من الجسد وأسمى منه منزلة، فلماذا يحجم عن نبذ ممتهنيه ويغضي عن تعيير بائعيه، بينا ان بيعه اجلب للعار والثلب والاستنكاف من بيع الجسد.؟

ثم لماذا نرانا نجل من الرجال العظام والعلماء الأعلام من باعوا فكرهم وحريتهم وأباحوا عقولهم لقاء الدرهم. أليس هؤلاء ادعى للاحتقار والازدراء والنبذ من البغي التي تبيع جسدها وهو المادة الدنيئة الحقيرة الخاضعة للعقل ودونه قيمة ومقاماً.؟

اجل، ولكن بينا الناس يتخطبون في الخطأ والغواية ويعمهون في كثير من الضلال، وشر الضلال احتقار المرأة البائعة جسدها وإجلال الرجل الذي يسلم للعار عقله وفكره وضميره وحريته الوطنية والأدبية.

فلا مراء أن في هذا الكلام حقائق يحسن النظر فيها وتعاليم يجدر بالعاقلين والنابهين التسليم

<<  <  ج:
ص:  >  >>