على أن تصبح راسخة، وأهمها فكرة أمن فرنسا وضمان حدودها، أي إيهام الشعب بوجود خطر دائم يهدد كيانه ليبذل مجهوداً في ناحية معينة أو ليستعد لتلبية التضحيات التي يتطلبها العمل لدرء هذه الأخطار.
فرنسا قبل الحرب العالمية الأولى وبعدها:
ولم تكن فرنسا قبل سنة ١٩١٤ في حالة تمكنها من منافسة الدول الصناعية الكبرى أو أتمت بناء هيكلها الآلي الضخم لا في السوق العالمية ولا في طريق استغلال واستثمار أملاكها، وكانت تلجا إلى وسائل شاذة لحماية تجارتها في الأراضي المملوكة لها، فما بالك وقد بدأت بعد الحرب تحمل أعباء إنشاء صناعة على نمط الصناعات الثقيلة - يقصد بها صناعة الحديد والفولاذ والصناعات الكيماوية الكبرى - ولو إن التعبئة المالية والفنية والإنشائية للوصول إلى هذه الغاية كافية لأن تستنفذ مجهودات جيل بأكمله.
وقد بدأ هذا المشروع يسير سيره الطبيعي من يوم استرجاع مقاطعتي الألزاس واللورين إذ جعل ضم هاتين المقاطعتين بين رجال الصناعة بعض ما كان ينقصها من مواد الصلب والحديد، ويا حبذا لو ضم إليها جزء آخر من أراضي ألمانيا وهو الروهر إذن لحصلت فرنسا على ما تحتاجه من الفحم الحجري.
يلتمس الكتاب الفرنسيون بعض العذر لبلادهم في تقصيرها الاستعماري الذي ينسبونه إلى أن هذا المشروع الصناعي الكبير الذي جعل رؤوس الأموال تتجه إلى تحقيقه اتجاها ترك النشاط في أراضي المستعمرات قاصرا على الضروري اللازم، وعليه تأخر تنفيذ المشروعات الكبرى التي وضعت لاستغلال أراضي جبال أطلس بمراكش ونظر إليها والى غيرها نظرة ثانوية أو تأجل تنفيذها باعتبار أنها تكميلية للبرنامج الصناعي في أراضي فرنسا الأوربية.
وعليه فهم لا يسلمون بالنقص الذيبدا من ناحية بلادهم ويقولون ولو أن الفترة بين الحربين نقلت الدول الكبرى الصناعية مرحلة نحو التكتل والتماسك مع المستعمرات بل ذهبت إلى إدخال الصناعات في أراضي المستعمرات نفسها كما حصل في الهند وأستراليا وأفريقيا الجنوبية وبقيت فرنسا تدير مستعمراتها بأساليب قديمة إلا أنها حسناً فعلت لأنها انتظرت الوقت المناسب لكي تستفيد من تجارب غيرها ولكي يحين الوقت الذي تندمج فيه هذه