للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأخشى أن يختلط الأمر على القارئ فيظن ان كمال الدين بن يونس هو نفسه ابن يونس الذي ذكره سيديو، مع أن هذا خلاف الواقع، فكمال الدين بن يونس كان (علامة زمانه، وواحد أوانه، وسيد الحكماء، قد أتقن الحكمة، وتميز في سائر العلوم). ولد في الموصل سنة ١١٥٦م، وتوفى بها سنة ١٢٤٢م، وتلقى العلم في بغداد في المدرسة النظامية. كان ذا اطلاع واسع على العلوم الشرعية، وتعين مدرسا في الموصل، قرأ الطب والفلسفة (ويعرف من فنون الرياضة من اقليدس، والهيئة والمخروطات والمتوسطات والمجسطى وأنواع الحساب المفتوح منه والجبر والمقابلة والارثماطيقي بطريق الخطائين، والموسيقى والمساحة، معرفة لا يشاركه فيها غيره إلا في ظواهر هذه العلوم دون دقائقها والوقوف على حقائقها، واستخرج في علم الأوفاق طرقا لم يهتد إليها أحد. . .).

ولنرجع الآن إلى ابن يونس المصري، فهو مخترع الرقاص، واسمه أبو سعيد عبد الرحمن بن احمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري. كان من مشاهير الرياضيين والفلكيين الذين ظهروا بعد البتاني وأبي الوفاء البوزجاني، ويعده سارطون من فحول علماء القرن الحادي عشر للميلاد، وقد يكون اعظم فلكي ظهر في مصر، ولد فيها وتوفى بها سنة ٣٣٩هـ - ١٠٠٩م. ويقول بعض معاصريه انه كان ذا طباع شاذة، يضع رداءه فوق عمامته، إذا ركب ضحك الناس منه لسوء حاله وشذوذ لباسه، (وكان له مع هذه الهيئة إصابة بديعة غريبة في النجامة لا يشاركه فيها غيره، وكان متفننا في علوم كثيرة، وكان يضرب على العود على جهة المتأدب). وهو سليل بيت اشتهر بالعلم، فأبوه عبد الرحمن بن يونس كان محدث مصر ومؤرخها، وأحد العلماء المشهورين فيها، وجده يونس بن عبد الأعلى صاحب الأمام الشافعي، ومن المتخصصين بعلم النجوم. وقد عرف الخلفاء الفاطميون قدر ابن يونس وقدروا علمه ونبوغه، فاجزلوا له العطاء وشجعوه على متابعة بحوثه في الهيئة والرياضيات، وقد بنوا له مرصدا على جبل المقطم قرب الفسطاط، وجهزوه بكل ما يلزم من الآلات والأدوات، وأمره العزيز الفاطمي أبو الحاكم أن يصنع زيجاً، فبدأ به في أواخر القرن العاشر للميلاد، وأتمه في عهد الحاكم ولد العزيز، وسماه (الزيج الحاكمي). ويقول عنه ابن خلكان (وهو زيج كبير رأيته في أربعة مجلدات، ولم أر في الازياج على كثرتها أطول منه). ويعترف سيديو بقيمة هذا الزيج فيقول: إن هذا الزيج

<<  <  ج:
ص:  >  >>