وتركوها بيد الفرنسيين لأنهم توهموا أن التنافس بين البريطانيين والفرنسيين قد ينقلب إلى عداء، وقد مرت حوادث كانت نتيجتها التصادم والقتال ولكن الإمبراطورية الفرنسية لم تتحرك بل إن القتال الذي نشب في سوريا ولبنان انحصر هناك.
أما من الناحية الفرنسية فقد تمكن الأمل من القواد والساسة لدرجة إنهم توهموا بأن لديهم القوة الكافية للدفاع عن الإمبراطورية إذا هوجمت وحشدوا وحداتهم البحرية في شمال أفريقيا أملا في الخروج إلى السلم بالسيادة على البحر وحدود المستعمرات كما كانت قبل الحرب: بل كانوا يجاهدون بأنه إذا لزم الأمر أن يقبلوا التضحية من الأراضي الأوربية إذا ضمنوا المحافظة على وحدة أملاكهم الأفريقية التي هي المدى الحيوي التاريخي للشعب الفرنسي.
ومن الغريب إن هذا الأمل الألماني وهذا المنطق الفرنسي ترك شمال أفريقيا في حالة سهلت للحلفاء احتلالها واتخاذها بمرافئها لجمع قواتهم التي زحفت إلى قلب أوروبا، فكان إن ساهمت الإمبراطورية الفرنسية في تحرير أوروبا بل في تحرير العالم ولكن كقبعة متسعة من الأرض استعملت كمسرح للحوادث والمعارك ليس إلا. . .
الحلفاء يسيطرون على أملاك فرنسا ثم يعيدونها إليها:
تمزق السور الفولاذي لأول مرة عند دخول الحلفاء وقواتهم أراضى شمال أفريقيا، فرأى أهل مراكش وتونس والجزائر جنودا من عناصر أخرى غير فرنسية، ولابد نهم لمسوا وعاينوا أشياء جديدة، ولكن البلاد التي خضعت لسنوات عديدة لأعمال العنف والتشريد كانت تتمخض بانبعاث جديد ووثبة شاملة، ولم تكن حملة الحلفاء لهذه الأرض بأساطين العالم وكانت مقر مؤتمرات: وعرف الناس جميعا أن أراضى تونس والجزائر ومراكش كانت وديعة في يد الحلفاء وقد أعيدت لفرنسا بعد أن تعهد رجالها لرزوفلت أن تسير هذه البقاع في ركب الحضارة نحو الحرية وتقرير المصير كغيرها من بقاع الدنيا التي يسكنها الإنسان لا الحيوان.
أعود إلى الوراء؟ أم عصر جديد؟ هذه كلمة الأستاذ إسماعيل مظهر حينما عرض إلى مشروع الاتحاد الفرنسي ونحن نتفق معه في صيحته ونقول:
إن الخطر الذي يبدو لنا هو أن توفق فرنسا في إقناع العالم إن الاتحاد الفرنسي هو مشروع