فإذا تركنا جانبا المستعمرات البعيدة مثل مدغشقر والهند الصينية، تبدو الإمبراطورية الفرنسية لعقول هؤلاء كوحدة جغرافية لها أهمية كبرى وهي في نظرهم كائن حي له ما لفرنسا من مشاكل متعلقة بالأمن والحماية والجيش والبحرية.
وقد تتفق السياستان وقد تختلفان في الشئون الداخلية فقد ظهر أثر الرجال الفرنسيين المقيمين بالمستعمرات في محاربة كل إصلاح يرمي إلى إشراك الوطنيين في الحكم، بل فرضوا أرادتهم وأجبروا الحكومة المركزية على تغيير سياستها مرارا وذلك توهم المختصون بشؤون الاستعمار إلا مخرج لهم من هذا التعارض سوى سياسة الاتحاد التي تجعل من فرنسا والإمبراطورية كتلة واحدة في الخارج والداخل.
وكان من رأى الذين لمسوا هذا النزاع القائم أن المشاكل الإقليمية والحربية في سيرها وتطورها تواجه في النهاية مصالح الإمبراطورية البريطانية في أفريقيا وأكبر ضربة لهدم التحالف الفرنسي البريطاني تأتي من تشجيع فرنسا للأخذ بسياسة إمبراطوريتها في الأمور الخارجية وبنوا نظريتهم على:
المتناقضات القائمة بين إمبراطوريتين عالميتين:
فقالوا إن سياسة الوفاق والصداقة سهلة وتبدو ضرورية في أوروبا ولكنها صعبة وغير محتملة في أفريقية وإذا سار التحالف بانسجام هنا فإنه لا يسير أشواطا بعيدة في أفريقيا من غير أن تبرز المناقضات: وهي الأمور التي تتطور إلى مشاكل أو أزمات فيستعصي حلها لأن مرادها أما إلى السياسات العليا أو إلى القواعد الثابتة الملازمة لطبائع الأشياء: وعلى هذا الضوء تبدو حوادث سوريا ولبنان سنة ١٩٤٣، ومشاكل بريطانيا في طرابلس الغرب وبرقة، في الوقت الحاضر وتعذر إيجاد حل لها.
أمل ألمانيا في استغلال التنافس بين الدولتين:
كان الألمان على إلمام تام بالحالة النفسية والعسكرية في الجيش الفرنسي وبما يمكن أن تؤديه الفرق المكونة من الجنود الأفريقية، وهم على علم بطاقة هذه الشعوب ومقدار صلاحيتها للحروب الحديثة، ولكنهم ابقوا مع ذلك على وحدة الإمبراطورية الفرنسية