للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

اقتصادية.

ثم هناك ما يجري من سباق بين المثرين: سباق غايته الخيلاء والزهو الذي لا ينتهي إلى نهاية. وتسابق أفراد الطبقات الموسورة في مظاهر الغنى مصدرهم لهم، لأن كلا يسابق ويخاف أن يسبقه غيره. ومن سلع الترف ما يكاد يكون كل الغرض منه الزهو، ومن السيدات من تقتني جواهر نادرة، تخاف عليها من السرقةفتصنع لها من الحلي المصطنعة نسخة تطابق الاصل، وتخزن الجواهر النادر في خزانتها وتتحلى بالحلى الزائفة. ومن جامعي روائع فن التصوير من يستأجر خبيرا يتعرف له أصلة الصور التي يقبل شرائها، لأنه يشتريها لا عن إحساس بجمالها وإما عن اعتزاز بمقدرته على شرائها.

وقد يرد على ما قدمناه من أمثله على مساوئ توزيع الثروة، بأن الإقبال على شراء شئ، أيا كان هذا الشيء، يدفع إلى عمالة بعض الناس ويسرع من دوران عجلة النشاط الاقتصادي ويشيع الرخاء. ولكن ليس سواء أن يعمل أناس في صنع الخمر أو أن يعملوا في صنع الخبز. وليس سواء أن يشتغل المرء بتجارة الماشية أو بتجارة الرقيق وإنه لإسراف، ومفسدة أي مفسدة، إن تحول بعض موارد المجتمع من إنتاج ما يسد الحاجات الضرورية لجمهرة الناس إلى إنتاج ما يشبع نزوات البطالين والمترفين.

وتقليل التفاوت بين الدخول يقلل من الظلم الاجتماعي ويهئ الفرصة لزيادة رفاهية المجتمع. والقضاء على تباين توزيع الثروة، وعلى تفاوت الفرص، قد يكون عن طريق الثورة كما قد يكون عن طريق التطور التدريجي، ولكل من السبيلين أنصار.

وتتدخل الحكومة محاولة إصلاح، ما فسد، وتفرض ضرائب على الموسورين والقادرين على تحمل عبء الضريبة، وتنفقها على ما يعود بالخير على الجميع. وكلما زاد تدخل الحكومة في هذا الشان قل المدى بين الثورات المختلفة والدخول المختلفة، وسار المجتمع خطوة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية.

مصطفى القوتي

<<  <  ج:
ص:  >  >>