من موظف آخر وسأله لعله يذكر موضوعه، فقال له في دماثة متكلفة وهو يكتم ضحكة (أيوه يا سعادة البيه، مر علينا بعد ثلاثة أيام تجد كل شئ على ما يرام)؛ وتحمس سعادة البك تحمسا صامتا تجلى في احمرار وجهه وإرساله الزفرات وانصرف ليمر بعد ثلاثة ايام؛ وتفكه الموظفون بالسخرية من سعادته والتهكم عليه.
ودخل ثالث فسأل أحدهم عن آمر فقال له (عند فتحي أفندي في الحسابات)، فخرج ثم عاد بعد قليل ليقول إن فتحي أفندي لا علم له بالأمر، فقال له (اترك لي المسألة ومر بعد يومين أو ثلاثا تجدها خالصة) ففكر صاحبنا في الأمر قليلا ثم بدا له فتحمس وصاح قائلا (ما هذا؟ أديوان حكومة هو أم كان دكان؟ ودق القمطر بيده قائلا انه ذاهب إلى المدير، وانطلق والتحمس ملء بدنه، وتحمس الموظفون في الضحك منه. . .
١ - ودخل رابع تبدو عليه الرزانة والتؤدة، فسأل عن عبد المنعم أفندي من يكون فدله أحدهم عليه، فمشى إليه في عسر بين القماطر واخرج علبة سكائره ومد بها إليه يده أتلح حتى تناول واحدة، ثم كلمه في صوت خافت، فتظاهر انه يفكر ثم قال: مر غدا فإن عمر أفندي غائب وهو الذي عنده مسألتك. فقال لقد جئت مرتين وعملي في حضن الجبل وأنا قادم هذه المره في (تكسي) وهو عند الباب يدور عداده فهلا صنعت معروفا فأعنتني، فأجابه لا يمكن حتى يحضر عمر افندي، وانصرف عنه إلى أوراقه، فهز صاحب (التاكسي) رأسه مرات وتنهد ثم قال وقد اقلب هدوءه ثورة، وانه ليدق القمطر بيده دقات عنيفة: ما هذا، مرة عمر أفندي في البنك ومرة عند المدير ومرة في إجازة. . . هذا لعب ومسخرة وقلة ذوق. . . وبدا التحمس في جميع حركاته وإشارته. . . وانطلق من الحجرة يتوعد وتهدد.
وجاء الخادم يطلب عبد المنعم أفندي لمقابلة المدير، فذهب إليه ثم عاد بعد دقيقة ففتش في قمطر عمر أفندي واخذ منه أوراقا، وخرج ثم رجع بعد قليل يقول لزملائه (خلصنا منه يا سيدي، وأمضى المدير أوراقه وبلاش غلبة ونفخة كدابة)
ودخل بعد لحظة شيخ معمم ذو لحية فحيا بتحية الإسلام ثم ضم أطراف جبته بيده ومضى إلى أحدهم ينفذ في عسر بين القماطر، فقال له هل وجدت الورق؟ فقال: لا زلت ابحث عنه. وما كاد ينطق بهذا حتى صرخ الشيخ قائلا ما هذا؟ حتى متى تسخر من ذقني هذه يا