ولد؟ ونهض الأفندي مغضبا يدق القمطر بقبضته ويقول عيب يا سيدنا الشيخ لولا انك كوالدي. . . ودق الشيخ بقبضته قائلا العيب أن تكذب وأن تضيع الأوراق وتستخف بمصالح الناس وأوقاتهم، وعاد الموظف يدق بيده دقات ويقول عيب يا سيدنا الشيخ، والشيخ يعقب كل دقة منه بدقة من قبضته القوية حتى أيقنت أن القمطر لا شك متحطم؛ ولكني لم احفل بالقمطر وإنما خشيت أن تنقلب الدقات لكمات أو لطمات، فقد بلغ تحمس الشيخ أقصاه وجحظت عيناه واصفر وجهه ودنا من الفتى ولولا أن سحبه إخوانه سحبا من وجه الشيخ لأهوي عليه بكلتا يديه؛ وخرج الشيخ وهو يستنزل خيبة الله عليه.
وساد في الحجرة الصمت لحظة، ولم يفطن الموظفون إلى وجودي إلا وهم في هذه الحال من الخزي والغم، فسألني أحدهم ما طلبي، فأشرت إلى مكتب عمر أفندي، فقال انه لن يحضر اليوم؛ ومعنى ذلك أن انصرف فنهضت للخروج وإني لأقسم للقارئ بمحرجات الإيمان غير متحمس، أني ذهبت إلى تلك الحجرة من أجل مسألتي اكثر من خمسين مرة في مدة سنتين، وقضاؤها والله لا يستغرق ساعة؛ ولم أستدر عند الخروج، بل خرجت بظهري مخافة أن يسروا عن صاحبهم بحركة منهم يكون فيها الزراية علي.