لست أدري أكان مقصودا، أم جاء عفوا، ولكنه على أيها كان جميلا، أن يحاضر الأستاذ إسماعيل الأزهري رئيس الوفد السوداني، بجمعية الشبان المسيحية، بعد محاضرة مكرم عبيد باشا في جمعية الشبان المسلمين.
وكان السودان موضوع كل من المحاضرتين، وكان حسنا ومفيدا أن يتحدث الأستاذ الأزهري عن السودان حديثا يتناول فيه مختلف الشؤون من ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية، ولا أدل على مبلغ الحاجة إلى مثل هذا الحديث مما بدأ به الأستاذ إذ قال انه اجتمع في مصر منذ قليل بشاعر مصري زار السودان أخيرا ودار بينهما حديث قال فيه الشاعر إنه عندما هم بالرحيل إلى السودان جعل يفكر حائرا: بأي لغة يخاطب القوم في السودان؟ وكيف يتفاهم معهم؟ ولكنه ما حل بالخرطوم وأم درمان حتى ألفاهم يتكلمون لغة عربية لا تقل إبانة عن لغة شمال الوادي، بل إنه لقي هناك من الشعراء من طارحوه الشعر وجاروه في ميدان القريض، ولما عاد إلى مصر كان من نتاجه قصيدة رائعة نشرت بصدر الأهرام. ولم يسم الشاعر، ولكن كان مفهوما إنه الأستاذ محمد الأسمر.
كان هذا الاستهلال ذا مغزى، فإن إخواننا بالجنوب يعتبون علينا لجهل أكثرنا بهم، وأظن أنا اعتبناهم، فقد اصبحنا في السنوات الأخيرة غير ما كنا.
وأخذ الأستاذ الأزهري في حديثه عن شؤون السودان. ومما يناسب المقام هنا ما ذكره من الجهود الثقافية التي بذلها المؤتمر السوداني إذ قال انه أنشأ في خمس السنوات الأخيرة من المدارس الابتدائية بمختلف البلدان السودانية ضعف ما أنشأته الحكومة السودانية منها في خمسين سنة!
ولما كان عنوان المحاضرة الذي نشر بالصحف (قصص من السودان) فقد كنا نتوقع أن نسمع قصصا حقيقية، ولكن كان المراد من كلمة (قصص) شئونا تتضمن وقائع تحكي في سياق الكلام.