دعت مجلة (الهلال) إلى ندوتها ثلاثة من أعلام الأدباء، هم الأستاذ عباس محمود العقاد وأحمد أمين بك والدكتور أحمد زكي بك، للمناقشة في هذا الموضوع (أي الجيلين خير. . القديم أم الجديد)، ونشرت هذه المناقشة في العدد الصادر أول الشهر الحالي.
رأى الأستاذ أحمد أمين إن الجيل الحاضر خير في جملته من الجيل السابق، وإن مجموعة الأخلاق أرقى الآن مما كانت في الجيل الماضي؛ ووافقه الأستاذ العقاد على تفضيل الجيل الحاضر في بعض نواحي الخلق، ولاسيما الأخلاق التي تتعلق بالحرية الشخصية، ولكن من المشكوك فيه أن تكافئ قوته ما زاد عليه من الواجبات والتكاليف، لأن مشكلات الحياة العالمية العامة، والوطنية الخاصة، ومعضلات الأخلاق والعقيدة، التي تواجه الجيل الحاضر، لم يكن لها نظائر واجهت لأجيال الماضية.
ويرى الدكتور زكي إن الجيل الحاضر من حيث النوع، ومن حيث الكم أيضا، لا يمكن أن يقل عن الجيل الماضي بل يزيد في العلم والثقافة والحضارة، ولكنه يرى - من الجهة الروحية - إن في أرواح القلائل من الجيل الماضي ما هو ارفع واثمن مما في أرواح الكثيرين من الجيل الحاضر، ومثل لذلك بالتضحية فقال (كنا قبلا نضحي لأجل التضحية وحبا فيها، وطلباً لهدف واحد، بغير من أو غرور، ولا نطلب على ذلك أجرا، بل ننتظر من وراء ذلك الغرم، ثم تطور معنى التضحية، فصارت تضحية نرجوا بها الثمن، أما معجلا أو مؤجلا، ثم تطور معناها مرة أخرى، فصارت في هذا العصر تضحية لها ثمن مضمون. . .)
وتستمر المناقشة متفرعة من هذه الأصول، إلى أن يقول الأستاذ العقاد (وأياً كان الأمر في الجيلين، القديم والحديث، فما شك فيه إن الإصلاح الإنساني، سواء كان في أمة واحدة أو في اكثر من أمة، متوقف دائما على التضامن بين الجيلين.
وتنتهي المناقشة برجائهم إلا تخلو الأمة المصرية والأمم الشرقية عموما، من صالحين بين الشيوخ، وصالحين بين الشباب، لتقوم دعائم الإصلاح على هؤلاء وهؤلاء.
وهكذا قال الجيل القديم - ممثلا في أولئك الثلاثة الإعلام كلمته في المفاضلة بين الجيلين، ويستطيع القارئ أن يستخلص من جملة آرائهم رجحان كفة الجيل الجديد، ولكن الجيل الجديد لم يعلن رأيه في هذا الموضوع في جلسة ذات محضر ينشر كما حدث في (الهلال)