أخذنا على محطة الإذاعة المصرية - في عدد مضى من الرسالة - الإكثار من الإذاعة العامية في التمثيليات والأحاديث، سواء العامي منها والعربي (المكسر)
وفي الأسبوع الماضي اطلعت على إجابة للأستاذ محمد فتحي بك المراقب العام للإذاعة المصرية، عن أسئلة وجهتها إليه مجلة (دنيا الكواكب) اللبنانية، منها هذا السؤال. (نطالع في الصحف المصرية شكوى مستعمرة من ضعف برنامج الإذاعة المصرية، فما هي الطرق الفعالة لملافاتها؟)
أجاب الأستاذ فتحي بان الجمهور متباين المزاج مختلف الطبقات، ومن الصعب إرضاءه كله ببرنامج واحد، وإن الإذاعة في بريطانيا واجهت هذه المشكلة وعمدت إلى حلها بان قسمت الشعب البريطاني إلى ثلاث فئات، عامة، ومتوسطة، وعالية، ثم خصت كل فئة من هذه الفئات ببرنامج على محطة مستقلة إلى أن قال:(ونحن لو اتبعنا هذه الطريقة لاستطعنا أن نقضي على تلك الشكوى المستمرة قضاء مبرما فاستطعنا إذا وجدنا ثلاث محطات أن نقدم لكل من طبقات الشعب الثلاث برنامجا خاصا يتوافق مع مستواه وتفكيره، حيث نقدم للأولى رقصا بلديا وزجلا وحديثا باللهجة العامية وأحاديث دينية، بينما نقدم للطبقة الثانية وهي طبقة المثقفين برنامجاً يشتمل على معالجة الحالة السياسية والأخبار الدولية والمواضيع الاجتماعية والأبحاث والروايات الأدبية، وفي الوقت نفسه نذيع للطبقة العالية برنامجا يحتوي على موسيقى كلاسيكية وأحاديث وقصصاً لبرناردشو وشكسبير وأعلام الفلسفة).
فترى هذا الحل المترتب على الإمكان يتضمن إرضاء طبقة الشعب بالتحدث إليه باللهجة العامية، فهل هذه الطبقة تشكو من العربية حتى نترضاها بالعامية؟ أو من الحق أن الشعب يستثقل العربية الفصيحة؟ إننا نعتقد إن إسماع الشعب لا تنفر إلا من الأساليب غير البينة والإلقاء الرديء، وانه من الممكن أن تجتذب الإسماع بالبيان السهل الواضح والإلقاء الحسن، وإذا كنا نكتب الحكايات والقصص للأطفال بلغة عربية فصيحة سهلة فيستسيغونها ويقبلون عليها، أفلا نستطيع أن نخاطب الكبار في الإذاعة بمثل لغة الأطفال على الأقل؟ وكيف إذن يكون تثقيف الجمهور ورفع مستواه؟
على أن للشكوى من برنامج الإذاعة وجها آخر غير تباين الأذواق الذي تمنى الأستاذ فتحي