للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهناك غير هذا الكتاب مئات أخرى بينها عدد ليس بالقليل حرص فيه المترجمون على الأصل إلى درجة تختلف قلة وكثرة عما ذكرنا، ونخص بالذكر تلك التراجم التي قام بها المنفلوطي، وإن كان ينقصها كثير من مزايا ترجمة عثمان جلال، على الرغم من براعة أسلوب المنفلوطي. والذي يعنينا في هذا الصدد الكتب المترجمة من أنها كثيرة وأنها صادفت رواجا عظيما.

ونستطيع أن نتبين ميل الكتاب المصريين إلي المحافظة على ما خلفه لهم العرب من الأوضاع الأدبية التقليدية، (الا أن يضيفوا إليه بعض العناصر الجديدة) في تلك القصة التي تعد أول قصة مصرية بالمعنى الذي أشرت إلى وجوب اعتباره في صدد الكلام عن القصة المصرية، وهي (رواية عذراء الهند أو تمدن الفراعنة لمنشئها الضعيف احمد شوقي) عام ١٨٩٧. وهي من أوائل مؤلفات الشاعر النابه احمد شوقي. ولم توضع هذه القصة على نمط قصص ألف ليلة وليلة أو على طراز قصص السيرة، وإنما وضعت على نمط تلك الأقاصيص الخرافية الشهيرة التي تعرف (بالحواديت). وقد سار المؤلف في توسيعها على الطريقة التي تتبع في (القصص التاريخية). على أني أقرر صراحة أن هذه القصة مما لا يمكن أن يستسيغه العقل، من حيث الخطة ومن حيث ما حشر فيها حشراً من المخلوقات الخرافية كالسحرة والعرافين، مما لا تكاد تخلو منه صفحة من صفحاتها، ولكنها ورثت مما سبقها من (الحواديت) المشهورة ميلاً شديداً إلى الحركة والمخاطرة فعوض ذلك عليها بعض مساوئها، وإننا لنشعر بشيء من اللذة أثناء قراءة الصفحات التي لم تحشر فيها الخرافيات لأنها تعد بين القصص الحي.

أما ما تدين به تلك القصة (للقصة التاريخية) فهو طريقة سرد التاريخ في ثنايا القصة. ولقد تعرضت هذه القصة لشرح عظمة مصر القديمة. وهي جديرة بالاعتبار من هذه الناحية. على أن خطرها الحقيقي إنما يرجع إلى أنها كتبت بذلك الأسلوب الفخم الذي قلد شوقي زعامة الشعر في الأدب المصري. ويعد النثر المسجوع فيها من أفصح ما عرف من هذا النوع ولقد كانت الفقرات تجري على روى واحد أربع مرات أو خمسا في غير إملال. وكانت تتخلل هذه الفقرات بعض المقطوعات الشعرية الرائعة للمؤلف. وأن الإنسان ليأسف على انه لم يتح لهذا الأسلوب موضوع آخر ومواد أخرى غير التي استعمل فيها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>