في الصيف، وفي الشتاء تطعم الماشية وترعاها. . . إذا وسع مقدورك هذا!! أما زوجتك الفاضلة (شام شماجي) فسوف تجلب الأفراس وتستخرج لنا من ألبانها (كميساً) طيب المذاق بديع الصنع.
وسأهيئ لكما من الملبس والطعام ما تقر به عيونكما وترومانه فإن أعوزتك حاجة بعد ذلك فخبرني بأمرها، وإني لأعدك بأن أتيحها لك ما وجدت إلى ذلك سبيلاً. . .
أقبل (إلياس) وامرأته على العمل في خدمة جارهما. ولعلهما صادفا في أول الأمر صعوبة، وشقت عليهما الخدمة. بيد أنهما لم يمكثا غير قليل حتى تعودا على ذلك، واستقر بهما المقام عنده يعملان له ما يسعهما. . .
وكان يتسرب الألم والرثاء إلى قلب (محمد شاه) حينما يبصر بهما بعد غناهما العريض وعلة منزلتهما، ينحدر إلى مثل هذه الحال. لقد حرز في نفسه هذا ولكنه أفاد منهما إذا أطلق لهما حرية الأمر، فلم يسعهما سوى أن يتفانيا في خدمته بإخلاص وجد
وذات يوم نزل في ضيافة (محمد شاه) نفر من ذوي قرابته وصديق له من رجال البحر فذبح (إلياس) لهم شاة وسلخها وبعد أن أنضجها على النار، بعث بها إلى الأضياف فأكلوا منها ما طاب لأنفسهم. . .
وبينما هم قعود على البسط الثمينة يتناقلون الحديث ويرشفون كؤس ا (لكميس) مر بهم إلياس - وقد فرغ من عمله - فلما أبصر (محمد شاه) قال لواحد من أضيافه: (هل لمح طرفك هذا الرجل الذي مر بنا منذ لحظات؟!)
فأجابه الضيف في عجب:(أجل.! فما الذي يدعو إلى سؤالك هذا؟!)
- (لقد كان أغنى إنسان في هذه الناحية من الأرض!. إنه يدعى الياس. أما سمعت بذلك الاسم من قبل؟!)
- (لقد طرقت سمعي أخبار عنه مؤكداً. . إني لم أره قبل الآن ولكن شهرته ذاعت كل البقاع!.)
- (هذا حق. . بيد أنه الآن صفر اليدين ذو متربة وعسر. فهو يقيم معي هنا يعمل في أرضي ويرعى أغنامي، أما زوجته فتحلب ماشيتي وأفراسي!. .)
فأدرك الدهش ذلك الضيف ومط شفيتيه وهز رأسه وهو يقول: (الأيام دول من سره زمن