لك حيلة تدفع بها قلبك حسرة الأب العربي وهو يرى أبناءه ينشأون غرباء عن لسان أمهاتهم اللائى أرضعنهم بدر عربي حر آب للضيم طالب للعزة والشرف والنبل.
وقد أراد الله غير ما أرادوا، فها أنت اليوم بين أهلك وعشيرتك من أهل مصر، وهؤلاء أبناؤك أهلنا واخوتنا. وهذه مصر بلادهم لهم فيها ما لنا، فمن قليل يهدم اللسان العربي ذلك اللسان الفرنسي، ويرتد العربي عربياً كما أراد الله له أن يكون، كما ردك الله حراً كما أراد لك أن تكون. وأما فرنسا فقد رد الله غيظها في صدرها حتى يأكل منها ما بقى مما تستطيل به على الناس.
ولا تأس أيها الرجل على ما فات، فأن في الذي لقيه الناس من بعدك لعزاء لك عما لقيت في منفاك، وإن الذي أنت فيه اليوم لهو نعمة من الله بها عليك لتحمل مرة أخرى سيف الجهاد في سبيله وفي سبيل أمته التي أنزلت بها فرنسا من بطشها ومظالمها ما لا قبل لأحد بالصبر على مثله. وقد ردك الله إليها لترى رأى العين ماذا فعل بعدك هؤلاء القوم بقومك، ولتشهد مصارع الأحرار من أنصارك، ولتملأ قلبك من القوة التي تفل الحديد وتنسف الجبال وتجتاح الجيوش - قوة الأيمان بالله الذي لا يخذل من نصره ونصر أولياءه بالحق يوم الجهاد.
أن فرنسا لم تدع في تونس والجزائر ومراكشي مكاناً إلا نفثت فيه من سمها، أو ضربت فيه بأترابها، أو تدسسن إليه بغدرها وجمالها. إنها أمة لم ترع ذمة للإنسانية ولا للمروءة ولا للشرف ولا لشيء مما يصير به الإنسان حياً متميزاً من سائر الوحوش والضواري - أمة تفتري على الناس افتراء مقيتاً ثم تتبجح على الناس باسم الحرية والإخاء والمساواة، أمة من الإدلاء لم يكد الغازي يغزو بلادها في الحرب الماضية حتى ألقت سلاحها وسجدت على مواطئ قدميه تمسح غبار الغزو ضارعة متذللة، أمة لن تأنف آلاف مؤلفة من أبنائها أن تطلب التجنس بالجنسية الألمانية يوم أصابتها هزيمة واحدة في أول حرب تهزم فيها، ولم تستنكف نساؤها أن تفتح الإغلاق للغزاة غير متورعات ولا كريمات.
إننا أيها الأمير نبغض هذه الأمة كأشد ما يبغضها دمك الذي يجري في عروقك، لأننا اخوة جمعتنا رحم واحدة هي العروبة؛ ونحن لا نخصها وحدها بهذا البغض، بل نبغض كل أمة على غرارها قد استحلت مرعى البطش واستطابت ثمار البغي والعدوان. فنحن العرب لن