للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وشرق الأردن؛ ولكن السيد نوري السعيد، كما جاء في مقترحاته، لا يضمن نجاح فكرة التقسيم إلا إذا طبقت بعد ضم فلسطين إلى دولة عربية كبرى (بقصد سوريا الكبرى)، لذلك تراه يقول في كتابه المذكور ما يلي بالنص: (. . . فإنشاء دولتين أو أكثر مستقلة استقلالاً تاماً ومتكونة من أقاليم فلسطينية صغيرة يقتضي إنشاء حدود مصطنعة متعددة مع إحداث جيوب يهودية متمددة في الدولة العربية، ومعنى ذلك إنشاء مجاز دولي واحد على الأقل ويحتمل إنشاء أكثر من مجاز واحد. أما إذا أدمجت فلسطين كلها في دولة سورية واحدة تكون حدود الحوزات اليهودية حدوداً إدارية فقط، وقد تتألف حينئذ المناطق اليهودية من عدة اقضيه يتمتع فيها اليهود بحقوق خاصة، أو أنه يمكن باتفاق يتم بين جميع الفرق تعيين منطقة مجتمعة معينة لليهود تدار إدارة شبه مستقلة. وعلى العرب القاطنين فيها والحالة هذه أن يرضوا بالبقاء تحت هذا الحكم أو أن توجد لهم ارض في مكان آخر).

والحكومة البريطانية، في الواقع، تؤيد هذا المشروع وتضحي في سبيله إذا ما جد الأمر حتى بمصالح اليهود، لأنها في هذه الدولة الكبرى تستطيع أن تجد لها ثغرة تنفذ منها لتوطيد مركزها في سوريا ولبنان وهما الدولتان اللتان تخلصتا إلى غير رجعة من النفوذ الأجنبي. فبريطانية التي حاولت جاهدة طرد الفرنسيين من الشرق الأدنى تتلهف أن تحل محاهم وتسيطر على جميع سواحل البحر الأبيض المتوسط، هذا البحر الذي تريده (حراً إنجليزيا) كما أترده موسوليني (حيرة إيطالية).

وهذا المشروع أيضا، كثير من المشاريع البريطانية، يدركه الفساد من أوله إلى أخره وتعترضه سلسلة من العقبات التي لا يمكن التغلب عليها.

تخيل أيها القارئ أن أمامك الآن خريطة جغرافية للبلاد العربية، ثم ضع على بقعة صغيرة في القسم الجنوبي من الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط تحيط بها أراض شاسعة من الأراضي العربية المسلمة تبتدئ من مراكش مخترقة تونس وطرا بس ومنحدرة نحو البلاد العربية الأصلية ثم صاعدة إلى شرقي الأردن وسوريا ولبنان والعراق. وهذه البلاد التي طفت بها والتي تحيط البقعة الصغيرة التي تحت إصبعك تشكل مجموعة قوية من البلاد العربية التي يبلغ عدد سكانها حوالي الخمسين مليون نسمة. وعلى هذه البقعة الصغيرة التي تسمى (فلسطين)، والمحاطة بالعرب نمن كل جوانبها، يريدون إنشاء دويلة يهودية مستقلة

<<  <  ج:
ص:  >  >>