استقلالاً تاماً أو استقلالاً ذاتياً خارجة عن نطاق الامتداد الجغرافي الذي يحتويها ومنفصلة عن مجموعة البلدان العربية. فهل من المتوقع أن ينجح مشروع كهذا؟
يقول البريطانيون نعن. ويقول الصهيونيون لا. فهم لا يرضون بهذا الحل المتواضع ولا يقبلون بشبه دولة ضيقة المساحة. وإن أهدافهم قد قرروها في عدة مؤتمرات من مؤتمراتهم: ففي مؤتمر بلتيمور الذي انعقد في الولايات المتحدة عام ١٩٤٢ طالبوا بهجرة غير محدودة ويترك الحرية لهم في التوسع داخل فلسطين إلى ما لانهاية. وفي المؤتمر الصهيوني العالمي الذي انعقد في لندن في أيار عام ١٩٤٥ وضعوا قرارين رئيسيين: إنشاء دولة يهودية خالصة في فلسطين، وتخويل الوكالة اليهودية كل الصلاحيات الضرورية لجلب اكبر عدد ممكن من لمهاجرين. وفي مؤتمر بازل الأخير طالبوا من جديد بكل هذا.
وإذا كان هناك من بين الصهيونيين من يوافق على مشروع التقسيم فان الجميع يرمون الامتداد والتوسع لا على حساب فلسطين بل على حساب البلدان المجاورة أيضا، ولا يمتع ذلك قرار تصدره الحكومة البريطانية تعين فيه حدود الدولة العربية وحدود الدولة اليهودية، فقد سبق أن أصدرت عدة قرارات توجتها بألفاظ الشرف البريطاني والضمير وختمتها بإقرار برلماناتها، ولكنها لم توف العهد في أي قرار من تلك القرارات، فكانت تصدر اليوم لتنتفض غداً. وآخر قراراها مشروع الكتاب الأبيض الذي اقره العموم عام ١٩٣٩. كما أن الهدف الصهيوني أبعد من أن يرضى بشبه دولة صغيرة المساحة، لان الفلسفة الصهيونية ليست قائمة على أسس دينية أو إنسانية بل على دوافع استعمارية توسعية، وهذا ما قرره جون هبوب سيمس الذي ترأس وفداً إلى فلسطين لرفع تقرير عنها حيث قال:(إن الحجة الإنسانية والحجة الدينية تفسدهما الحقيقة المؤسفة وهي أن الهجرة اليهودية اليوم لا تتألف من اليهود الذين يرغبون لأسباب دينية في العودة إلى ارض صهيون ابتغاء إقامة حياة يهودية لا يشوبها الظلم والاضطهاد، بل هي مؤلفة من أغلبية من اليهود بعيدة عن التعصب الديني ومتحمسة بروح الوطنية السياسية ومصممة على تحقيق السيادة في فلسطين ارض العرب منذ ١٣٠٠ سنة على الأقل).
والعرب يقولون إن إنشاء دولة يهودية في فلسطين، يترك فيها الحكم لليهود وحدهم،