منفصلة عن الاتحاد العربي لا يقبله عرب فلسطين ولا عرب الأقطار العربية، كما انه يناقض الوضع الجغرافي القائم وهذا ما قرره نخبة من أفاضل العلماء والجغرافيين، فان فطن إلى ذلك وشرحه في مؤلفه المعروف (جغرافية الأراضي المقدسة التاريخية) فهو يقول في صفحة ٥٨ من كتابه: (لا يمكن أن نقوم في فلسطين دولة مستقلة ومنفصلة عما يحيط بها، فالحيوانات والنباتات فيها تمثل عصوراً جيولوجية عديدة، وهي تتصل بسلالات النبات والحيوان في أراضي كثيرة، وأن الاتصال الجنسي والديني والثقافي بينها وبين أجزاء البلاد العربية الأخرى سيسحق كل دولة تقام بالقوة وبالطرق الصناعية).
وهذا ما يقوله السير جون كارستنك على الآثار القديمة في جامعة ليفر بول ومدير الآثار القديمة في فلسطين فيما بعد:(ما دام أن ليس لفلسطين حدود خاصة من جوانبها الثلاثة فليس من الممكن أن تصبح مهداً لدولة مستقلة لا تتصل بالأمم التي تحيط بها ومقراً لعنصر أجنبي غريب).
وإقامة دولة مستقلة في فلسطين غير داخلة في الجامعة العربية يجر إلى نتائج خطيرة يستطيع الباحث بقليل من التبصر أن يراها واضحة في الأفق. فالجامعة العربية حركة طبيعية تسير بالبلاد العربية نحو التجمع لا التوزع ونحو الانضمام لا التفرق، ومتى ما بلغت هذه الحركة غايتها ووجد في قلب الوطن العربي حاجز يقف دون إتمام مرحلة التطوح كان عليها أما أن تقف، وهذا لا يمكن أن يتصور ونحن أمام ظواهر طبيعية لا تعرف الأناة، وأما أن تعبر هذا البرزخ الاصطناعي في صميم تكوينها الجغرافي فتحدث مأساة عنصرية جديدة من المآسي التي زخر بها التاريخ، لان الصهيونيين سوف لا يسلمون بالأمر الواقع ويندمجون في الشعب العربي بل سيقاومون ما يرى العرب انه مسألة حياة أو موت بالنسبة لهم
إن تقسيم فلسطين مشروع خائب، وقد سبق السير رونالد ستورس الزمن وصرح بذلك أمام لجنة التحقيق الانكلواميركية التي ألفت أخيرا، والسير المذكور من أشد أنصار الحركة الصهيونية وقد ظل حاكماً للقدس مدة أثنى عشر عاماً، فإذا تكلم لمصلحة العرب فان لكلامه قيمة.
قال: (إن كل حل يقسم فلسطين بين العرب واليهود لا يمكن أن ينشر لواء الآمن والسلام