الروسي أميرا وإماما لبلاد الداغستان بمتابعة له وتواليتهم إياه بعد اغتيال المرحوم حمزة بك ١٢٥٠ هـ ولذلك لم يمر هذا العرض التفاتاً وضرب به عرض الحائط. وفي سنة ١٢٥٣هـ (١٨٣٧م) تكررت هذه المحاولة لاستمالة الشيخ شامل، وإنهاء حال الثورة في بلاد الاغستان، فقد اتصل القائد الروسي الجنرال (كلك) بالشيخ شامل وعرض عليه الذهاب إلى (تفليس) لمقابلة والي القوقاز، وأكد له أن الوالي سيعينه أميرا على جميع المسلمين في الداغستان، ورفض الشيخ شامل هذا العرض أيضا لأنه كان بعد نفسه أميرا منتخباً من الأهلين بركام جرياهم، فلم يرضن لنفسه أن يتلقى الأمارة من يد عدوه ومستمر بلاده، وعقد العزم على مواصلة القتال حتى يقضى الله أمره، ثم تكررت هذه المحاولة سنة ١٢٥٥هـ (١٨٣٩م) من جانب الروسيين ولكها فشلت أيضا.
٢ - في أوائل سنة ١٢٥٨هـ انتصر الشيخ شامل على القائد الروسي الجنرال (كرف) أنصارا باهراً. في معركة فاصلة حاسمة واضطر هذا القائد الروسي إلى الانسحاب العام، ولجأ إلى قلعة (شورا) الشهيرة. وكان لهذا النصر وقعه الحسن بين أخوان شامل ومريديه، فاقترحا عليه أن يبعث وفداً من قبله لمقابل خليفة المسلمين السلطان عبد المجيد خان في القسطنطينية، وبعد إلحاح شديد نزل شامل على إرادة أعوانه، وألف وفداً من ثلاثة أشخاص اختارهم لهذه السفارة بينه وبين الخليفة، وحملهم عرية كتبها باسمه واسم إخوانه المجاهدين الداغستانيين إلى مقام الخلافة العظمى. ولسنا ندري مضمون هذه العريضة، والغاية المرجوة منها، ولكنها على كل حال لا بد أن تكون عرضا لأحوال المسلمين في الداغستان، وربما كانت مضمنة طلب العون والمساعدة المادية أو الأدبية على الأقل من خلفية المسلمين.
وسافر هذا الوفد إلى بلاد الجركس في طريقه إلى القسطنطينية ثم جاوزها إلى بلاد (أبازه) على ساحل البحر الأسود ليركبوا من هناك أحد المراكب البحرية إلى عاصمة الخلافة. إلا أن أخبار هذا الوفد كانت قد سبقته، فوجد العيون والأرصاد في كل مكان فلم يستطع أعضاؤه ركوب البحر لان عيون الروسيين كانت ساهرة، وأخيراً استطاع أحد الأعضاء (الشيخ الجركوي) أن يتسلل إلى أحد المراكب بدعوى انه من الحجاج القاصدين إلى الديار الحجازية وحمل بين طيات ثيابه عريضة الشيخ شامل، وأوصلها إلى رجال ديوان الخليفة