الذي يطلب معنى لكلمة العربية كما سمعت من العرب، وليس من همه أن يبحث عنها كيف استقرت على صيغتها المسموعة عنهم، وإنما ذلك يبحث عنها كيف استقرت على صيغتها المسموعة عنهم، وإنما ذلك شأن الباحثين المتخصصين في فلسفة اللغة وتطورها فأنجزته والحمد لله حاوياً للمواد الواردة في أشهر كتب الأئمة. . ثم رأى المجمع أن أو جزء بكتاب مختصر يكون نجدة للناشئين المتأدبين ولا سيما الطلاب في المدارس، فقصدت إلى ذلك وألحقت ما أثبت عليه بأسماء منتخبة لمسميات حديثة تراءت لي أثناء مراجعاتي اللغوية).
ثم أورد الشيخ بعضاً من هذه الأسماء التي انتخبها وهي (الدرمك) للدقيق المحور الأبيض المعروف بالفاخر، (الدغرى مصدر دغر) للحرب المفاجئة المعروفة بحرب الصاعقة، و (المدغرة) للحرب المعضوض التس شعارها دغرى، و (المربقة) للساند وتش، و (الدلق) و (الربيدة) للدوسيه، و (التلاء) للجواز المؤقت. . . إلى آخر الألفاظ التي أوردها الشيخ وكلها من هذا القبيل. . .
وكل هذا عناء لا طائل تحته، والواقع أن رجال اللغة عندنا يشقون على أنفسهم كثيراً ويتحملون كل هذا العناء استجابة لفكرة متسلطة على أذهانهم وهي التدليل على أن اللغة العربية غنية بمادتها تكفى ألفاظها معنى مستحدث وفي كل غرض جديد، فهم يرجعون إلى القواميس يلتقطون منها تلك الألفاظ المجفوة الميتة ويضعونها للمعاني الحديثة في حية ألنا، وما مثلهم في ذلك إلا كمثل رجل ينزل إلى السوق إلى اليوم فيصر على أن يتعامل بالدراهم والدنانير التي ضربت على عهد الرشيد، ويزعم للناس أن الدراهم لا يزال درهماً، والدينار لا يزال ديناراً!
فلأمر في وضع الألفاظ اللغوية وانتخابها ليس مجرد إيجاد تلك الألفاظ فحسب، بل إيجاد الألفاظ التي تصلح للحياة، فيتفاهم بها الناس في أحاديثهم، ويتعامل بها الكتاب والشعراء في ألفاظهم وتعابيرهم، ومن من الكتاب والشعراء يطيق ذوقه أن يستعمل الدرمك، والدغرى والمدغرة والدلق والمربقة. . .
فلعل رجال اللغة يقدرون هذا ويصرفون إليه جهدهم، وإلا فليوفروا على أنفسهم وعلى الناس العناء والشطط. . .