شكونا من هذا وطالبنا أهل الطرب بالترفع عن هذا التخنث احتجوا بأن هذا هو الذي يطلبه الجمهور ويفعمه ويقبل عليه، فلما غنى عبد الوهاب في شعر شوقي، وغنت (أم كلثوم) سلو قلبي. لم يطرب الجمهور، بل لم يطرب العالم العربي أجمع مثل ما طرب لهما في هذا، حتى أصبح العامة يستظهرون هذه القصائد والمقطوعات ويرددون نغماتها في غدوهم ورواحهم، ولا شك أن لهذا أثره الطيب في تقويم الألسن وتهذيب العواطف
حدثني الشيخ محمد الخضري رحمه الله عليه قال: لقد سمعت عبده الحمولي يغني في حشد يبلغ الألوف، فرأيته بتلاعب بألبابهم ويهز عواطفهم، ولكنه من الأسف كان يغني في كلام مبتذل، فهجمت عليه في عنف وقلت أيها الرجل: إن قيادة هذه الجماهير في يدك، وأنت تستطيع أن تسير بهم في طريق الخير والتهذيب فلعلك تفعل. . .
وهكذا يجب أن نفهم أن الغناء أسلوب من أساليب التهذيب وأنه في هذا أداة ساحرة مؤثرة، ولهذا يعنينا أن نسجل هذا الاتجاه الحميد الذي يتجه إليه المطربون عندنا بالغناء في الشعر الجميل. . .