للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أضطرب فكر والده عليه. فتوسل الأمير الصغير إلى والده أن يسمح له بالذهاب، فرأى الوالد نفسه مضطراً على اجابة طلبه. وعندما التقى القزم بالأمير الصغير، وسأله عن طريقه، أجاب: (أنني أبحث عن ماء الحياة، إذ به وحده يستطيع والدي أن ينفعه من علته). فقال له القزم: (وهل تعرف مكان وجوده؟) فأجاب الأمير: (كلا!). فقال القزم: (إذا سأدلك عليه لأنك سلكت معي سلوكاً لائقاً، مغايراً لسلوك أخويك المتعجرفين. أن ماء الحياة ينفجر من النبع الذي يجري في ساحة القلعة المسحورة، تلك القلعة التي لن تستطيع اختراقها، إن لم أعطك قضيباً من الحديد، ورغيفين من الخبز. أما القضيب، فاطرق به ثلاثاً على باب القلعة الحديدي فيفتح لك. وفي المدخل سترى أسدين فاغرين شدقيهما تستطيع أن تأمن شرهما، بأن ترى لكل منهما رغيفاً. ثم أسرع وأحض قليلاً من الماء قبل أن تعلن إشارة الوقت الثانية عشرة. إياك أن تتأخر! لأنك أن فعلت فسيوصد الباب ولا تستطيع الخروج!).

فشكره الأمير، واخذ منه القضيب والرغيفين، وجعل يطوي الأرض حتى حطت به النوى إلى القلعة المسحورة؛ فعمل بموجب إشارة القزم. ودخل من الباب إلى قاعة جميلة واسعة، حيث كان يجلس عدد من الأمراء المسحورين؛ فنزع الخواتم التي تحلى أصابعهم؛ واخذ سيفاً مرهف الحد، وقليلاً من الخبز المطروح هنالك. ثم دلف إلى الغرفة المجاورة؛ وإذا به أمام فتاة فاتنة تتموج كالطيف، نظرت إليه من وراء جفون ترتعش بالميل والانعطاف؛ ثم أخبرته أن مملكتها ستؤول إليه؛ وإذا ما رجع إليها بعد سنة كاملة، فسيزف إليها ويعيش معها سعيداً موفوراً. ثم دلته على موقع النبع الذي يجري منه ماء الحياة. ورأى في الغرفة المجاورة سريراً مريحاً استلقى عليه لأنه كان متعباً؛ واستسلم لنوم هادئ عميق. ولكنه استفاق على صوت الساعة، عند ما أعلنت الثانية عشرة إلا الربع؛ فأسرع إلى النبع، وملأ كوباً صغيراً كان موجوداً بالماء. ثم أسرع الخطو إلى الباب؛ وما كادت رجله تطأ العتبة، حتى دقت الساعة معلنة الثانية عشرة تماماً؛ فأوصد الباب بقوة عظيمة جداً، أطارت قطعة من كعب حذائه وهو خارج.

وبالرغم من كل هذا، فقد كان مروراً لنيله أمنيته. فعاد أدراجه إلى القصر، والتقى في الطريق بصاحبنا القزم. غير إنه لم يكن راضياً عن الرجوع إلى القصر دون أخويه؛ ولذا

<<  <  ج:
ص:  >  >>