للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هم اللسان الناطق بما يعتلج في صدور هذه الفئات كلها، وهم المسددون لخطوات الشعب، وهم بناة المبادئ والمدافعون عنها والداعون إليها، وهم الذي يحملون الحكومات العربية على انتهاج خطة واحدة، وعلى الإيمان بمبدأ واحد، وعلى الوقوف في ساعة العسرة موقفاً لا ترتد عنه قيد أنملة لإيمانها بأن العرب قوة لا تلين لغامز، وبأنهم أهل أرض تقع في قلب العالم لا يطيق معتد أن ينال منها نيلاً، إذا ثبتت له كعادة آبائهم وأجدادهم في الدفاع عن الحوزة والحمى.

ونحن العرب نجهل اليوم أننا قوة كأقوى ما في هذه الأرض، يجهل ذلك أفرادنا متفرقين. وتجهله حكومتنا موزعة الأهواء والأهداف، ويجهله ساستنا بما كتب الله عليهم من محنة هذه السياسة. فنحن اليوم أحوج ما كنا وما نكون إلى معرفة حقيقة هذه القوة، وإلى إدراك ما تقتضيه هذه القوة أيضاً. فالرجل الذي يعرف أنه قوي ينبغي أن يجعل قوته عملاً ظاهراً لا يرتد مخافة إرهاب أو نكبة أو شر يلاقيه. فإذا شاء رجال العرب وأماثلهم أن يصبحوا في تاريخ العرب مجداً لا يتكسف ضوؤه أبد الآبدين، فليستلهموا تاريخ أسلافهم الذين خرجوا من أرضهم وديارهم شعثاً غبراً جياعاً، ولكنهم خرجوا أيضاً مؤمنين بأن كلمة الله هي العليا، وأن حقهم وإن قل ناصره، أقوى من باطل سواهم وإن كثر أعوانه والعاملون له وعليهم أن يزأروا زئير الأسد في غابه، حتى يستيقظ النائم، ويتأهب الأعزل، ويجتمع المتفرق، وعليهم أن يحاصروا عدوهم بالمدافعة عن حقهم، قبل أن يحاصرهم بالتهجم على حقوقهم. وعليهم أن يعلموا علم اليقين أن العربي حين يمد يده إلى سيفه، فهو يمدها إلى قوة زاخرة لا تزال تنحدر إليه منذ آلاف السنين بمدد لا ينضب من العزة والشرف والمجد الذي تناله يد المتطاول.

إننا قوة لن يتجاهلها أحد مهما بلغت قوته إلا كنا شجي في حلقه، لا مجازاً وبلاغة، بل هي الحقيقة المجردة عن كل مبالغة إننا قوة سوف تجبر بريطانيا وروسيا وأمريكا وسائر أمم الغرب على أن تعرف أن العرب، قد أفاقوا في العصر، وأنهم قد عزموا على أن ينالوا حقهم أو أن ينتزعوه انتزاعاً من كل من تسول له نفسه أن يهتضم حقوق الناس ويأكل أموالهم ويعيث في بلادهم فساداً وطغياناً وشراً. إننا نحن العرب أمة واحدة في دولة متعددة، وسنكون أمة واحدة تحمي حقوق الضعفاء من أي الناس كانوا. إننا نحن العرب أمة

<<  <  ج:
ص:  >  >>