ولم تطل إقامته في مدينة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فقد فارق هذه الدار الفانية، وانتقل إلى جوار ربه. قبيل غروب شمس يوم الأربعاء ٢٥ من ذي القعدة سنة ١٢٨٧ هـ (٢٨ مايو سنة ١٨٧٠) ودفن في البقيع بجوار قبة العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم.
١١ - مات الشيخ شامل بع أن عاش نحو خمسة وسبعين عاماً، وبعد أن ملأ الدنيا دوياً، ونشر قضية بلاده أمام الرأي العالم العالمي، وجعل العالم كله يتحدث عن القوقاز وقضية القوقازيين، وإذا كان لم يستطع أن يصل ببلاده إلى ما كان يرجوه لها من الاستقلال والتقدم ورغد الحياة، فإنه بذل كل ما ملك، ولم يأل جهداً، ولم يدخر وسعاً حتى انتقل إلى جوار ربه راضياً مرضياً، ولكن أثر جهاده وتضحياته ظل خالداً، وأثمر ثمره، فقد تنبه الروسيون لما يعانيه أهل القوقاز من المصاعب والمتاعب وما هم فيه من سوء الحال، وعلموا أن للقوقازيين وللقوقاز قضية لابد من النظر إليها بعين الاعتبار.
وقدر الروسيون جهاد شامل وبسالته، فأنشأوا في (تفليس) عاصمة القوقاز العامة متحفاً عاماً لآثار القوقاز والقوقازيين وأودعوه كل ما عثروا عليه من آثار الشيخ شامل، كالأسلحة التي كان يحارب بها والأعلام التي كان يحملها جنوده وقواده، وبعض الوثائق والمستندات التي تبودلت بينه وبين القيادة الروسية في القوقاز. وكان هذا المتحف، في الجملة، مشتملاً على كل ما وجد من آثار شامل.
وقد زار هذا المتحف ووصفه أحسن وصف سعادة رشاد بك المستشار بالمحاكم الأهلية المصرية قبل الحرب العالمية الماضية في كتابه (سياحة في روسيا) الذي نشره مقالات متفرقة في (المؤيد)، ثم جمعها في كتاب.
وبعد الانقلاب الشيوعي سنة ١٩١٧م واستتباب الأمر للشيوعيين، وجهوا نظرهم إلى القوقاز، وأنشأوا فيه أربه جمهوريات كان أحد هذه الجمهوريات الأربع جمهورية داغستان. وهي جمهورية ذات استقلال. . . ذاتي في شئونها الداخلية ضمن نطاق اتحاد الجمهوريات السوفياتية العام، وكان من أهم ما عنيت به هذه الجمهوري الناشئة أن أسست متحفاً خاصاً بالشيخ شامل في مدينة (محاج قلعة) جمعت فيه كل آثار هذا المجاهد العظيم، والبطل