الشعر لا يليق به شيء مثل الموشح. وكأن الدكتورة سهير تضيف بذلك موضوعاً للشعر غير الموضوعات المعروفة عند شعراء العرب والتي يقال أن الأندلسيين لم يخرجوا عنها، وإنما كان تجديدهم في الوزن والقافية، ذلك الموضوع هو الحنين إلى الوطن الممتزج بوصف جمال الطبيعة.
وأعود إلى ما بدأت به الدكتورة بحثها من الكلام على أولية فن الموشحات، فقد ناقضت ابن خلدون في نصه على أن المخترع له هو مقدم بن عافر، وقالت إن الأندلسيين عرفوا قبله تخميس الأبيات في آخر العصر الأموي وأول عصر ملوك الطوائف الذي عاش فيه المخترع، ولكنها لم تأت بمثل لذلك تستند إليه مناقضتها، ولعلها استخلصت ذلك من أقوال بعض المؤلفين، وذكر ابن بسام في (الذخيرة) اسما آخراً لمخترع الموشحات هو محمد بن حمود العمري الضرير. على أن التخميس لا يلزم أن يكون توشيحاً.
لون من الشعر المصري:
نشرت (الأهرام) الأبيات التالية للأستاذ محمد الأسمر تحت عنوان (عذراء قنا):
عذراء من أرض قنا ... شريفة المحلة
ألفيتها عريانة ... لم تستر بحلة
قبلتها فقهقهت ... ضاحكة من قبلتي
ولم أزل ألثمها ... حتى شفيت علتي
حبيبتي تلك وما ... عنيت غير (قلتي)
وهذه الأبيات الظريفة تمثل الروح المصرية الفكهة، كما يمثلها الشعبيين في (القلة) أيضاً:
(جايه من الترعة في الضحك والكركرة)
(والبوسة منها حلوة زي السكرة)
وكما مثلها منذ قرون الشعراء المصريون من أمثال البهاء زهير وأبي الحسين الجزار والسراج الوراق؛ ومما يلاحظ شبه أبيات الأستاذ الأسمر بما كان يقوله الشعراء في تلك العصور في وصف الأشياء التافهة كقول أحدهم في مسبحة:
ومسبحة مسودة لونها ... يحكى سواد القلب والناظر
كأنني عند اشتغالي بها ... أعد أيامك يا هاجري