وأما الشاهد الثاني فلم يأت به لا من الشعر الجاهلي، ولا من الشعر الإسلامي، ولا من الشعر العباسي، وإنما أتى به من الشعر العصري، وهو الذي يخلط فيه أهله بين الهزج وجزوه الوافر، وكان التنبيه عليه مثار هذه المناقشة!!
يمثل هذا الجدل يا سيد عدنان، لا يظهر حق ولا ينحسم خلاف. . .
أمس بين الأعراب والبناء:
جاءتنا كلمة من بغداد بإمضاء (محمد شبلي أحمد مدرس اللغة العربية) يقول فيها:
(نشرتم في الرسالة الغراء عدد ٧٢٦ في مقالتكم الافتتاحية في السطر الثامن العبارة الآتية: (ولا أمس ولا غد) ولكن ليعلم أستاذنا الجليل، أن أمس هذا ظرف زمان مبنى على الكسر، هذا ما ذهب إليه أكثر النجاة. . . وأن معنى كلمة أمس هذه تدل على البارحة، أما إذا دخلت عليها أل التعريف، فإنها تدل على ما قبل البارحة، أي على الماضي سواء البعيد أم القريب، على شرط ألا ينسحب معناها إلى البارحة. وما يؤلمني أن ذلك كيف كان عليكم خافياً وحضرتكم أحد أعلام اللغة العربية في القرن العاشرين. . .).
نقلنا كلام الأستاذ المدرس بنصه ورسمه لنطمئن حماة العربية على أنها لا تزال والحمد لله بخير! وبحسبنا أن ننقل للأستاذ المدرس ما يعرفه المدرسون جميعاً من حكم أمس: أمس ظرف زمان؛ فإذا أريد به اليوم الذي قبل يومك بليلة بني على الكسر؛ وإذا أريد يوم من الأيام الماضية، أو كسر، أو صغر، أو دخلته ال، أو أضيف، أعرب بإجماع. تقول آماس، وأميس، وليس للمجنون أمس لا غد، وأمس العرب خير من يومهم.
إلى الأستاذ علي الطنطاوي:
هالتك يا سيدي الفاضل حالة مصر الاجتماعية فأرسلت إنذارك مدوياً كالصاعقة مزجراً كالإعصار؛ هالك يا سيدي هذا التفاوت الكبير بين البشر في مصر في نظرة عامة فكيف بك لو عرفت تفاصيل الجزيئات في قوى الدوائر الزراعية الكبرى في بلادنا؟ إن كل قرية من هذه القرى تكافح الآن دودة القطن بأبنائها وبناتها بين لفح الهجير وإلهاب (الخولي) بعصاه الغليظة لأجسامهم المهزولة المعروقة. . .