القراء، ويتخذوا من التعاون بينهم سبيلا إلى الاطلاع الذي لا سبيل إليه للآحاد المتفرقين.
ويتخيل القارئ ما يكون لو أجيبت الأندية إلى طلبها العجيب من المؤلفين.
فقد تتسع المدينة لعشرات من الأندية يؤمها أعضاؤها الذين يعرفون تأسيس الأندية والاجتماع فيها، وهم على الأغلب من طبقات المثقفين والمكفيين، إن لم يكونوا من طبقة الموسرين والأعلياء.
وقد يبلغ هؤلاء الأعضاء عدة مئات أو عدة ألوف، وقد يعم الطلب من المدن كلها لا من مدينة واحدة أو مدينتين. فإذا استوفى هؤلاء أو بعض هؤلاء قراءة الكتب بغير ثمن فمن الذي يشتري الكتاب، وعلى من يعول المؤلفون والناشرون! ولماذا يأبى النادي على مشتركيه أن يطلبوا المرطبات بغير ثمن وأن يلعبوا البليارد بغير ثمن وأن يولموا الولائم بغير ثمن ويستثنى الكتب وحدها من هذه القاعدة فيجعلها تبرعاً مباحاً لا يدخل في الحساب!
إن الاستثناء الوحيد الذي يجوز في هذه الحالة هو استثناء الأندية الخيرية التي يختلف إليها فقراء الشعب للقراءة وسماع المحاضرات، ولكن العبء الأكبر في هذا الاستثناء ينبغي أن يحال على ذوي الأموال قبل أن يحال على ذوي الأقلام، لأن ذوي الأقلام ينهضون بعب الفكر ويحتاجون إلى من ينهض بأعباء معيشتهم في كثير من الأحوال.
هذه تجربة التأليف، وليست هي بأعجب التجارب ولا بأحوجها إلى التدبر والملاحظة، ولكنها شيء من أشياء، قد نعرضها (شيئاً فشيئاً) على شركاء المؤلفين في مهمة الثقافة والاطلاع، وهم جمهرة القراء.