إلا أن الدكتور شبلي شميل قد استطاع أن يفعل ذلك لأن الغيورين على العلم والثقافة أعانوه على طبع المجموعة، واكتتبوا بمبالغ من المال لتيسير الطبع الذي يليق بالكتاب. فنشر أسماءهم وما تبرعوا به في ذيل الجزء الأول وشكر لهم ذلك الصنيع.
ولست أقول إن طبع الكتب على هذه الطريقة نظام يتيسر العمل به لجميع المؤلفين، أو يغني عن طريقة النشر التي جرت عليها أمم الحضارة وفضلتها على كل طريقة أخرى، مع ما بها من عيوب.
ولكني أقول إن الأغنياء الغيورين على الثقافة يستطيعون أن يقيموا المكتبات العامة وأن يشتروا من كل كتاب نسخاً يوزعونها على معارفهم من الأدباء والناشئين النجباء، وإنهم مطالبون بهذا (الحل) الذي لا حل غيره لمسألة الاطلاع بين القادرين عليه بالفهم والعاجزين عنه بالفاقة. فإن رعاية السادة الأعلياء للأدب والأدباء معهودة في جميع العصور وبين جميع الأقوام، وهذه هي الرعاية التي تلائم أساليب الزمن ولا تشق على أحد من ذوي الأريحية واليسار.
على أننا في صدد الاستهداء نشير إلى ضرب من استهداء الكتب لانقره ولا نرضاه، ولو قدرنا على تلبية الطلب فيه.
ذلك هو استهداء الأندية والجماعات، وهي في هذا الزمن تنتشر بين كثير من البيئات، وتتعدد في كل حاضرة، وتضم إليها ألوفا من المشتركين.
فطلب الكتاب بغير ثمن مفهوم من الأديب الفرد الفقير، ولكنه غير مفهوم من مائة أو مائتين أو بضع مئات يتبرعون بالكثير أو بالقليل لإدارة الأندية وتأثيثها وتزويدها بوسائل الراحة وتزجية الفراغ.
فلو أنصف أصحأبيسبعيسبهعسيخهبعيسخهبعأصحاب هذه الأندية لبذلوا في النسخة الواحدة ثمن عشرين أو ثلاثين نسخة أو أكثر من عشرين وثلاثين!
لأن النسخة الواحدة يقرؤها عشرات بعد عشرات، وثمن النسخة الواحدة يتعاون عليه عشرات بعد عشرات. فليس الإنصاف أن يطلبوها بغير ثمن كما يطلبها الفرد الفقير، وإنما الإنصاف أن يبذلوا ثمنها على الأقل، إن لم يتجاوزوا ذلك إلى شراء نسخ كثيرة يتداولها