أصبح الرجل الذي يجاهد ويكافح ولكن في الطريق الذي اختاره هو لنفسه وأفرغ عليه المبادئ والمقاييس التي فرضها هو على نفسه، وجعل منها قواعد وحدودا لم يكن يحيد عنها ولا يخرج منها. لما أراد أن يأخذها الناس ويقيدو أنفسهم بها، رأوا أنه يحملهم فوق طبيعة البشر وفوق طاقتهم.
إن الذين انتقدوا سعد الله الجابري في حياته لم يفهموا هذه الناحية من نفسه الكبيرة ولو فهموها لأدركوا أي خسارة تحتملها الآن سورية والبلاد العربية باختفاء شخصية نافذة مخلصة، تمتاز بحماستها الهائلة للفكرة العامة واندفاعها لأجل المصلحة العامة.
لقد كان سعد الله من بناة الاستقلال السوري ومن الذين جاهدوا فوصلوا إلى مراكز القيادة، وكانت الدنيا بين أيديهم فإذا هم يخرجون منها وهم أقل ثروة ما كانوا قبل دخولهم الحياة العامة.
كثيراً ما كانت تخونه أعصابه، ولكني لم أعرف لحظة واحدة خانه فيها إيمانه. كثيراً ما تحمس وانفعل ولكن كثيراً ما تحمل لأن قلبه كان كبيراً وعامراً بالدوافع الكبرى: فهو قد حقق مع زملائه لوطنه ما رسمه في مخيلته من حرية واستقلال، وكان يؤمل أن ينقل أمته إلى المكانة التي كان يحلم بها. حقق الله آماله من بعده
إني أعزي الشعب السوري الشقيق وفخامة رئيس الجمهورية ودولة جميل بك مردم وزملاء الفقيد وآل الجابري وأعد فقده خسارة للعرب ولمصر التي أحبتهوأنزلته في قلبها لما ظهر من حبه لها ولأهلها، أسمى منزلة وإكرامها.