كريمة وطبع سمح جميل. . .! وأعود من هذا إلى ما سيحس هو به فأقول:
ألا من رأى الطفل المفارق أمه ... قبيل الكرى عيناه تنهملان
ولقد ذهبوا به في رأد الضحى بجدائله التي عقصتها له بيدي المتخاذلتين وقلبي المستخذي الخفاق يمد عيني المحمومتين بالدمعة المهراقة التي لا ترقأ. وأضحى كل ألم في كل مفصل له بولدي صلة؛ فأنا آلم برأسي ألم رأس وألم حس بفراق (ابني)؛ وأنا آلم بحسي ألماً يكبر عن الألم المألوف لأنه مزيج من ألم الحس المثخن وألم الأم تريد ابنها ترى فيه آلامها الكبار السابقة لينحط هذا الألم بفعل المقارنة إلى ما يجوز استمراؤه وقبوله. فهل أكون عقصت شعره لأخر مرة؟
وتعظم هذه الآلام وتبسق وتمد ظلالها فتساقط على نفسي الحالمة بذكرياتها كسفاً من الليل المفعم بأعاصير الكدر، وتتزلزل قواعد الصبر في نفسي وتلقى بها الريح في مكان سحيق فأرتد خاسئة الطرف ذاوية، وأضؤل وأضوي.
وهنا تنفتح عينيعلى غير إرادة، وأرفع كفي إلى رأسي المسجور، لأني أرى في ضعفي هذا وبؤسي هذا. . . ويأسي هذا (ابني) الذي حملوه مع الحقائق إلى دار الكرام الذين قالوا ذريه معنا يرتع ويلعب وآنا له لحافظون. . . وأدير رأسي رويداً رويداً لأسكب على الوسادة دموعاً ثقالا بعد اليوم، لا حراراً كما اصطلح عليها، دموعاً ثقالا من ذوب القلب الحنون تنقض البؤبؤ السقيم فأطرحها على الوسادة طرحاً، وأراها تتدحرج قطرة قطرة. . . وتفرغ عيني منها فأستجلي صورة ابني على مقربة من رأسي. ثم يعتلج في نفسي تسأل هين رقيق.
رققه المرض كثيراً وأمسك عليه الاجابة، ترى علام خلق الدمع؟ الأجل أن يضفي على ألماً جديداً فأرى من خلال ودقه صورة ابني متراقصة وأراها متحركة وأراها ناطقة بدون كلام، وأراها ضاحكة تهون على الصعب، وأراها باكية تشاركني الخطب وتقاسمني الكرب. ولقد أراني الدمع صورة ابني من مشتقات معانيه يزم جبينه وشفتيه شروعاً في جهشة. . . وأراني صورة أمي بجانبه صابرة متجلدة كشأنها، وأراني أمسي داكناً إلا شمعتين، وأراني غدي في لون الضباب. . . ولون الضباب كلون الكفن!!
ولقد يطلب للمريض في فرض الضنى أن يرقب مواكب المنى تمر مستأنية في وخدها