وإرقالها، مثقلة بأوقارها وأحمالها. . . تقبل من الأفق الأيسر وتذوب في الأفق الأيمن مارة عبر جسمه المسجى الضعيف تحدو حداتها فيهيم طرفه الفاتر ونظره الغائر في الحدوج ويستلهم الأحمال ويتنخل ما فيها لأيامه الحسان المقبلة، وأنا. . . أرقب هذه المواكب زاخرة بأمانيها، ملأى بما فيها، يقودها الدمرداش من أفق العباسية إلى أفق الزمالك - حيث أبني - فلا أرى ما يستفزني في الأفانين إلا ركوب يستوي على متنه شيء يشع فيمسك الرمق، يدنو في أخريات الموكب فإذا هو طفل بسام الثغر مصفف الشعر هو (ابني) فأصيح وأريد اللحاق فيقال: لا: أنت رهينة التيفوئيد. أجل لقد ذهب الموكب صداحاً لين اللحن عبق الخطو والحداء. وقد رأيت ابني فيه بسام الثغر مصفف الشعر. . . فأبسم لنفسي وأهزأ من دموعي وأجد القدرة على الشفاء. أين الدكتور الدمرداش أشكره على ما أتاح، وأين زوجي أسأله عن ابن فيص على الأمر فأرتاح.
لقد قيل لي منذ أيام إن - ابني - عني سأل، ولابد أنه ألقى سؤاله ذلك خجلا أحمر الوجنتين، خائب الشفتين، فأجابوه بأن أمه في المدرسة. فما أحسن الإجابة! إنني في مدرسة الصبر، أتعلم الموت كيف يهون، وفراق الابن كيف يكون. أما أن ابني احمر الوجنتين خجلا، خائب الشفتين أملا، فلك الله يا مناي، ولي. ما ودعتك أمك وقلت، ولا نسيتك أمك ولا سلت.