لغيرهم من الأمم؛ أو مس من رجعية ذميمة، فهبطوا بالمرأة من الصيانة إلى الابتذال، أو هموا أن يخرجوا بها عما خلق لها وخلقت له. . . قالوا لأنفسهم: أخفقت هذه التجربة في صدر تاريخنا؛ فما بنا من حاجة إلى أن نعيدها عبثاً، أو أن نهرق في سبيلها ثانية دماء جديدة ونخرب بيوتاً عامرة. . . ومن لنا مع هذا بمثل عائشة.
وليذكروا أبداً أقوال عائشة بعدما عاينت هول ما جرته مغامرتها السياسية على الأمة من ولايت، إنها قضت عمرها حسرة وندامة، حتى أذابت الحسرة قلبها وكبدها وحتى قتلها الحزن قتلا. وفي هذه الكلمات البليغات منها عبرة لنا أي عبرة:
(ليتني لم أخلق)، (ليتني كنت شجرة)، (ليتني مت قبل يوم الجمل بعشرين سنة) وقد كانت آخر كلماتها التي ودعت بها الحياة قولها: (إن يوم الجمل معترض في حلقي، ليتني لم أخلق).
إن هناك مجالاً واسعاً لنشاط المرأة حين تجد وقتاً فاضلاً عن شؤون التربية وإدارة المنزل، تستطيع به أن تملأ الأجواء خيراً ورحمة وإحساناً. هذه وجوه الخير مفتحة الأبواب في وسع المرأة أن تلجها فتمارس أموراً عظاماً وتبذل مجهوداً مشكوراً يعود على أمتها بما لا يقل عما يأتيه الرجال المحسنون ثمرة وغناء وطيب أثر.
أمامها من ميادين الخير: التمريض وإسعاف الفقيرات من بنات جنسها بالعلاج والدواء والطعام والكساء. وفي مجتمعنا من المحتاجات ما يشغل عشرات الجمعيات الخيرية من النساء ولا يفي بحاجتهن عشرات المستشفيات.
وأمامها أيضاً كفاح الجهل في بنات جنسها، فلتنشئ لهن المعاهد ذوات المناهج الصالحة لتنشئة الأمهات على ألا تستعير لها برامج الذكور (ببعض التعديل) فقد ثبت مع الزمن أنا حتى الآن لم نقم التعليم الصالح للبنات.
وهناك أمام المرأة العناية بتربية اليتيمات وإنشاء (المياتم) وتعهد أمهاتهن بالرعاية والتوجيه ثم إشاعة الثقافة الصحية بين النساء عامة. . .
ويجب أن ينشأ فيهن المتخصصات في جميع الفروع التي يحتاج إليها النساء والأطفال، وأن يكون منهن العدد الوافي بالحاجة بحيث يسددن عوز النساء في علاج أمراض العين والأسنان والأمراض الداخلية والجلدية وفي حاجات التوليد.