فإن كان ولابد من زيادة فإلى المساهمة في كفاح ما يتفشى في المجتمع من امتهان المرأة وإشقائها عن طريق البغاء والقمار والخمور وغيرها من المفاسد التي ضاق بشرورها المفكرون في الغرب والشرق. . .
لدى المرأة إذن كثير من أعمال الإحسان تنتظر من يقوم بها، وفي ذلك الخدمة المخلصة للأمة وأعمار البيوت وإفاضة الخير والسعادةفي المجتمع. . .
ونحمد الله على أن في فضليات نسائنا من تحاول سد هذه الثلمة، إلا أن نسبتهن قليلة جداً بالقياس إلى اللائي تنكبن الجادة متخبطات على غير بصيرة، فهجرن بيوتهن واكلات أمورهن إلى الخوادم، وطفقن يمارسن مالا يعود عليهن وعلى أسرهن وأمتهن إلا بالضرر الخالص والإفساد الكبير: من إقامة حفلات ساهرة مخجلة، وغشيان مجتمعات وأندية، واقتحام أسفار، وعقد مؤتمرات لا يبلغن فيها أمراً نافعاً، بل كثيراً ما يرجعن وقد سبقتهن أشأم الحوادث وأسوأ الأخبار. . . مما يدع السامع ينشد قول جرير يخاطب الفرزدق:
وكنت إذا حللت بدار قوم ... رحلت بخزية وتركت عاراً
يقلدن بذلك نساء ضج عقلاءأممهن من أحوالهن وسقط مقامهن فيها من كثرة هذا التبذل، والعبث، وعدن على بنات جنسهن من البريئات بأبلغ الضرر لما لوّثن من سمعة المرأة عامة. ليتنا إذا جئنا بالتقليد اخترنا من نقلد، ففي كل أمة من فضليات النساء النافعات من يحسن الاقتداء به، ولكننا ننتقي أحط المبتذلات ثم نسبقهن في الابتذال أشواطاً يخجلن هن أنفسهن من السعي إليها.
وأبعد من هذا، أننا إذا أمعنا في البيت وما يحتاج إليه تدبيره على خير نسق من علم واسع غزير في الصحة والأخلاق والتربية وعلم النفس، وسياسة الزوج والأطفال، وسياسة المورد والمصرف ورعاية ذلك كله. . . وجدنا أن علم ذلك وإتقانه وحسن إمضائه لا يكاد يبقى للمرأة القديرة ذات المواهب الجمة من فراغ أو جهد فكيف المتوسطات يله الضعيفات. إن ما يلزم لتصبح الأنثى امرأة (مثقفة) ليتضاءل أمامه - في اعتقادي - كل ثقافة ثانية مهما كانت رفيعة مفيدة.
وعلى المرأة الجادّة بعد ذلك واجبات عديدة تستطيع أن تشارك في شرف الخدمة فيها، على شرط واحد: هو أنتتم كل ما عليها من واجب نحو بيتها وأسرتها أولا، وإنما يكون التطوع