والصداقة والإحسان فيما فضل عنك من مال أو وقت أو جهد.
هذا، ولست أقول إن المرأة لا نفع منها في باب السياسية، أستغفر الله، إن منها النفع كل النفع من طريق واحد فقط: هو أن تتحلى بكل فضيلة رسمها لها دينها ثم تنشئ عليها أولادها، فما في امرأة فرطت بفضائل دينها من خير قط. والناس على حق حين يهملون كل أدب واحترام إذا رأوا امرأة جامحة على الآداب النسوية التي شرعها الله. والدين للمرأة هو كل شيء في نظر زوجها وولدها وأسرتها والناس أجمعين، فإذا جاهرت بشيء من الخروج عليه فقدت كل احترام في النفوس، وانتقلت نظرة الناس لها دفعة واحدة من التقديس إلى الزراية.
إن من لم تكن أمينة على دينها لن ينتظر منها إلا الشر والخيانة لأسرتها ووطنها، مثلها في ذلك مثل الرجال: رق دينهم فلما مارسوا الشؤون العامة مالئين الدنيا صخباً بدعوى إخلاصهم ووطنيتهم، كان بلاء الأوطان منهم وحدهم إذ كانوا لا يخافون الله ولا يرعون لدين عهداً ولا لضمير حرمة، فانطلقوا يشحنون الأرض خسفاً وكسفاً ونهباً وسلباً واحتكاراً وغلاء وإهداراً للكرامات والقيم وتضييعاً للأمانات والحقوق. وبذلك ضربوا أسوأ الأمثال وأظهروا وطنهم بشر الظاهر. . . ومن مات وازعه الديني ونسى يوم الحساب فلن يرده عن طغيانه رادع من الناس ولا رقيب. . .
وأنا على يقين من أن أمهاتهم مسؤولات - إلى حد بعيد - عن هذا الخزي الذي ارتطموا فيه، إذ أهملن فيهم تربية الوازع وإحياء الضمير وإشعارهم خوف الله والحساب. لقد حرمنهم النشأة الدينية الفاضلة فلم يعرفوا لذتها، ولم يتعهدن ذمتهم وأخلاقهم ففقدوا في أنفسهم الكرامة الإنسانية، فلما تغلبوا وسيطروا كانوا فوق الوحوش ضراوة وشراسة وقسوة قلب، فعم البلاء البلاد والعباد. . .
إلى هذا الحد تبلغ جريمة المرأة الناشئة على غير دين، وتعظم المصيبة بها، وتستفحل آثار شرورها في مستقبل الأمة وسلامة المجتمع.
فلها إذن آثار بعيدة في السياسة، وهي تسدى لوطنها أعظم الفضل أو تبلغ منه أعظم النكاية، لا بنفسها مباشرة فقط، ولكن بنفسها وبما تنشئ عليه أبناءها سياسي الغد من فضائل أو رذائل، وبما تنال ضمير الناشئ ووازعه الديني من عناية أو إهمال.