وإذا كان كبار أدبائنا من طبقة الكهول قد رضوا لأنفسهم (ولا أقول للأدب) هذه المجاملات، فما أظن أن هذا مما ينبغي أن يتأثرهم فيه الجيل الجديد.
أقدم مسرحية:
أثبتنا في عدد مضى من الرسالة ما قال به الأستاذ سليم حسن بك من أن المصريين الأولين هم أول من كتب الدرامية التمثيلية والقصة الخرافية، لا اليونان كما هو شائع.
ولابد أن يكون للدرامة التمثيلية مسرح تمثل عليه. ويدلنا على هذا المسرح مقال بجريدة (المصري) عنوانه (مصر أول من أقام المسرح في العالم) قال كاتبه: (كان الشائع أن الإغريق هم الذين أوجدوه (يعني المسرح) ولكن الحقيقة المكتوبة على ورق البردي وعلى جدران المعابد المصرية القديمة أنارت السبيل للمؤرخين وأثبتت أن المصريين لا الإغريق هم أول من أقام المسرح في العالم).
وذلك أنه كان في التاريخ المصري القديم أشياء لم يفهم لها المؤرخون تعليلا مقبولا، مثل الساحات الواسعة أمام المقابر والأهرام وبعض المعابد. فلما أصبح من المستطاع قراءة اللغة الهيروغليفية أسفر البحث عن أن تلك الساحات كانت مسارح.
وقد وقف الباحثون على بعض المسرحيات التي كانت تمثل بتلك المسارح، منها (مسرحية الأهرام) وتعد أقدم مسرحية في العالم، لأن بعض نصوصها يرجع إلى سنة ٤٠٠٠ قبل الميلاد، وموضوعها جزء من العقائد المصرية القديمة يدور حول صعود روح المتوفي وبعث الجسد الميت. والأدوار الرئيسية فيها هي (أوزوريس) وهو رمز للجسد الميت ويؤديه أحد الكهنة و (حورس) ويمثله رئيس الكهنة أو فرعون نفسه؛ وتظهر فكرة المسرحية عندما يقف الكاهن أمام جسد الميت مخاطباً روحه قائلاً:(أيها الملك أونيس، إنك لن ترحل ميتاً بل حياً) وذلك عندما يكون التمثيل في الجزء الخاص بصعود الروح. أما في الجزء الخاص بالبعث فيقول الكاهن للجسد الميت (انزع لفائفك وانفض عنك الرمال، ثم ألق عنك الحجارة، هيا. . . قياماً أيها الجسد المسجى).
وقد أثبت البحث أن المصريين القدماء استخدموا الأقنعة و (الماكياج) في تمثيل الشخصيات المختلفة أو في أدوار الحيوان.