من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منعم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) فأدخل هنا أولي الأمر فيما يجيئهم من أمور الأمن والخوف، لأنه من أمور الدنيا، قال المفسرون: أولو الأمر هم ذوو العقول والرأي والبصيرة، أو أمراء السرايا والبعوث.
وقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بمشاورة أصحابه في الآية - ٥٩ - من سورة آل عمران، فقال (وشاورهم في الأمر) وقد اختلف العلماء في المعنى الذي من أجله أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بالمشاورة لهم، مع كمال عقله وجزالة رأيه ونزول الوحي عليه ووجوب طاعته على الخلق كافة فيما أحبوا أو كرهوا، فقيل هو عام مخصوص، والمعنى وشاورهم فيما ليس عندك من الله فيه عهد، وذلك في أمر الحرب ونحوه من أمور الدنيا، لتستظهر برأيهم فيما تشاورهم فيه، وقيل إنه أمر أن يشاورهم في أمر الدين والدنيا فيما لم ينزل عليه فيه شيء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم شاورهم في أسرى بدر وهو من أمر الدين، وقد اتفق العلماء على أن كل ما نزل فيه وحي من الله تعالى لم يجز لرسول الله صلى عليه وسلم أن كل ما نزل فيه وحي من الله تعالى لم يجز لرسول الله صلى عليه وسلم أن يشاور فيه الأمة، وإنما أمر أن يشاور فيما سوى ذلك من أمر الدنيا ومصالح الحرب ونحو ذلك.
وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم على قوم يؤبرون نخلهم، فقال لهم: لو تركتموه لصلح فتركوه ففسد، فأتوا إليه فأعلموه بفساده، فقال لهم: أنتم أعلم بأمور دنياكم.
فهناك إذن أمور كثيرة لا يجب على المسلمين أن يرجعوا عند التنازع فيها إلى الكتاب والسنة، وهي أمور الحكم التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمشاورة أصحابه فيها، لأنها هي محل الشورى، وهي التي تؤلف المجالس النيابية في الحكومات الدستورية للرجوع إليها فيها، أما أمور الدين فشأنها في ذلك شأن القوانين الوضعية، ولا شك أن وجود القوانين الوضعية لا يمنع من تأليف المجالس النيابية في الحكومات التي تأخذ بها، فكذلك لا يمنع وجود القوانين السماوية من تأليف المجالس النيابية في الحكومات التي تأخذ بها، لأن المجالس النيابية ليست محاكم تنظر في مسائل القوانين السماوية أو الوضعية، وإنما هي رقيبة على حكوماتها، تعطيها ثقتها إن عدلت في الحكم، وتعزلها من الحكم إن جارت