والشام بانتعاش سيرجع بها إلى سيرتها الأولى إن شاء الله لولا ما يعترض ذلك من تفنن بعض أدبائنا وتعلقهم بالأساليب الأجنبية التي لا تتمشى مع استقلال اللغة ومميزاتها القومية الخاصة، ولست أعني بذلك أننا نجمد على القديم، بل علينا أن نماشي التطور الذي لا يدفع بنا إلى نكران ميراثنا، بل يعيننا على تحسينه وتهذيبه بما لا يذهب بمقوماته وخصائصه، وهل يتم لنا ذلك ما لم نتقن لغتنا وخصائصها، بياناً وأسلوباً، ونعرف ما كان عليه قومنا الأولون في نهضتهم الأولى ونجري على سننهم.
نعم إن اللغة العربية غنية بمادتها بحيث تكفي ألفاظها لكل معنى مستحدث وفي كل غرض جديد، كما يقول المنتقد الفاضل، فهل اختيار الأسماء لهذه الطوارئ المستحدثة يؤثر في أصل معناها المراد، وإلام يرجع الناشد لهذا في اختياره؟ أإلى الكلمات القديمة التي استعملت زمن العرب، وفي العصور الأولى، عصور النهضة وقد نعى ذلك المنتقد الفاضل علينا وضرب لها مثلا بالدرهم والدنانير المضروبة زمن هارون الرشيد؟ أو نصوغ لها ألفاظاً جديدة تكون من ضرب هذا العصر وليست من لغة القواميس العتيقة؟
وهل ضرب الدينار العراقي اليوم كون اسمه ديناراً لأن الموضوع له حديث والاسم قديم من ضرب زمن الرشيد؟
نعم، إن على من يعنى بهذا الأمر، وهو من أهله، إذا سنح له الاختيار، أن يختار الأخف الأعذب من الكلمات العربية التي هي أقرب في معناها الأول الذي وردت به عن العرب إلى معناها المستحدث، الذي يراد وضعها له. فإذا أغلق عليه ذلك، ولم يوفق له، انتحى ناحية النحت والاشتقاق والتعريف في الوضع، ولا يتعدى في ذلك كله طريقة الاقتراح، فلا يبت في شيء ما لم يقره أحد المجامع اللغوية، التي لها القول الفصل، فأن خرج عن هذا وعمل كل أديب أو من يشدو شيئاً من الأدب على ذوقه كانت هي الفوضى وأشكل الأمر، والله الموفق للصواب.