ألا رحم الله الرافعي ونضر قبره، فقد كشف عن العلة في هذا الرأي المريب إذ قال في إحدى مقالاته:(إني لا أعرف من السبب في ضعف الأساليب الكتابية والنزول باللغة دون منزلتها. إلا واحداً من ثلاثة، فإما مستعمرون يهدمون الأمة في لغتها وآدابها لتتحول عن أساس تاريخها الذي هي به أمة ولن تكون أمة إلا به، وإما النشأة في الأدب على مثل نهج الترجمة في الجملة الإنجيلية والانطباع عليها وتعوج اللسان بها؛ وإما الجهل من حيث هو الجهل أو من حيث هو الضعف، فإنه ليس كل كاتب ببليغ، ولا كل من ارتهن نفسه بصناعة نبغ فيها وإن هو نسب إليها وإن عد في طبقة من أهلها، والكتابة صناعة لها أدواتها، وفيها النمط الأعلى والأوسط وما دون ذلك. . . أفمن الرأي أن نعين المستعمرين على خصائصنا ومقوماتنا أو نتخذ في اللغة أديانا شتى، أو نجعل قياس العلم من الجهل في بعضه والضعف عن بعضه، وإلا فماذا بقى بعد هذه الثلاثة مما ينفسح له جانب العذر إذا نحن قلنا بمذهب جديد في اللغة. . .!!
(أحسب إخواننا في مصر أنهم كانوا يحسنون اليوم شيئاً من الكتابة الفصيحة لو لم يكن في العصر الذي خلا من قبلهم أمثال السيد جمال الدين ومحمد عبدة وعلي يوسف والبارودي والمويلحي وغيرهم ممن دفعوا الاستعمار عن اللغة ببلاغتهم وردوا أساليب السياسة اللغوية بأساليب الفصاحة، وأشرعوا دون الميراث العربي أقلامهم، وحاطوه بألسنتهم، وحفظوه بعقائدهم حتى أمنوا عليه أن ينقص أو يمحق). . .
وبعد، فتلك هي العلة، وذلك هو الأصل في هذه الدعوى المربية، وإن من دلائل الريبة أن تظهر هذه الدعوة وتتطاول بها رءوس دعاتها في وقت يجاهد فيه أبناء العروبة لدعم الروح العربية وتآلفها وإقامتها رباطاً وثيقاً بين أبنائها وأقطارها فيأبى هؤلاء إلا أن ينقضوا ذلك الرباط بالدعوة إلى العامية. . . والأمية. . .
على أني لا أتهم الأستاذ أحمد أمين، ولكني رأيته ينادي بدعوة مريبة فكان لابد أن أكشف عن الأصل فيها، وإني لمنتظر من الأستاذ الفاضل أن يقدم لنا نمطاً من ذلك الأسلوب الذي يراه في التقريب بين العربية والعلمية.
الفن للاشتراكية!!
تقول برقية من موسكو: إن الحزب الشيوعي قد قام بحملة في الأشهر الأخيرة لتخليص